صفحاتهم وأفلامهم وأغانيهم ما يعاقب بوليس الآداب على بعضه في المواخير، ويسمون بعد ذلك كله صحفيين أو مطربين ناجحين!
ويحي! لماذا استطردت هذا الاستطراد؟ إنما أتحدث عن (سوق الرقيق)!
والملطعة؟
هذا هو الاسم الذي اختاره بعضهم بحق للقسم من (الكورنيش) بين (بلاج سيدي بشر رقم ١) و (بلاج سيدي بشر رقم ٢)
فحينما ينقضي النهار، ويخرج رواد (البلاج) منه، ويصطف بعضهم في المساء على سور (الكورنيش) بينما يجول بعضهم ذهابا وإيابا.
يستعرض هؤلاء أولئك، ويستعرض أولئك هؤلاء!
هؤلاء هن جواري سوق الرقيق. . . هؤلاء هن معروضات تجول فيهن الأنظار، وتحملق فيهن العيون، وتتدسس الخطرات المريضة إلى أجسادهن الرخيصة في رقاعة وفضول.
هذه هي الضحكات الرخوة المائعة؛ وهذه هي الحركات الرقيعة الماجنة. . . ضحكات الجواري، لا تدل على فرح عميق ولا حتى على مرح أصيل. إنما هي ضحكات الرقيق لاجتذاب (الزبون)! ضحكات يحاسب عليها النخاس أو يثيب!
من ذا ينقذكن أيتها الجواري المسكينات من سوق الرقيق؟
من ذا يردكن إلى البيوت الكريمة المصونة، ويرد إليكن كرامتكن المهدرة، التي سلبت منكن باسم (المودرنزم) في هذه الأيام السود؟
كان الرجال يشتهون نظرة من بعيد، ويتشوقون إلى زواج كريم نظيف. فصرتن اليوم سلعة معروضة على الأنظار، سلعة في سوق الرقيق!
ونسيت أن أقول: إن تسعة أعشار هذا الهوان، إنما تبعثه الرغبة في أن تجد هذه الجواري أزواجا!
أزواج في الطريق. . . وفي (البلاج)!
لن تجدن هنا يا آنساتي أزواجا. إنما تجار أعراض وشراة أجساد. . .
ولن تكون إلا النخاسة يا عزيزاتي الأوانس: في هذه السوق. . . سوق الرقيق!
سيد قطب