للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

لأنه لا يقدر موضوعات ولكن صورا تبعث فينا احساسات خاصة ولكنها لا تحمل معنى يمكن أن يعبر عنه أو يشرح حسب القوانين العقلية.

فإذا فكر القارئ في الموسيقى بدلا من الشعر لا يصعب عليه فهم هذا. ولكن من سوء الحظ أننا فصلنا الشعر من سائر الفنون وكدنا ننسى أن الموسيقى هي ابنة (أبولو) وليست ابنة (منيرفا).

فالسؤال الآن: ماذا يعلمنا الشعر لا يلقى إلا في مجتمع قد جعل الاختبار والعقل فوق كل شئ وغاية كل شئ.

الشعر لا يعلم ولكنه يلهم. فأولئك الذين يريدون أن يعلموا يجب أن يكون منطقهم واضحا وسليما؛ ولكن جوهر الشعر الأصيل هو ما لا يمكن أن يفهم أو يعبر عنه بحجج العقل والمنطق.

فالشاعر ليس مدرساً ولكنه رسول وكلامه غامض.

قال شيلي: (الشاعر كالبلبل الذي يجلس في الظلام ويصدح ليبدد وحشة وحدته بأنغامه الشجية، والمستمعون إليه كأولئك الذين سحروا بنغم موسيقار متوافق، فيحسون أنهم قد اهتزوا وطربوا ولكنهم لا يدركون متى ولماذا؟).

أما الخطأ الشائع وهو أن تعاليم القصيدة يمكن أن تأخذ شكل القوانين والأصول فراجع إلى تلك التجربة الأسيفة المحزنة وهي شرح الشعر بالنثر أي نثره، ولكن الشعر لا يمكن أن ينثر كما لا يمكن أن يترجم دون أن يفقد حياته.

أجل قد يأتي لنا المترجم بقصيدة جديدة لا تقل عن الأولى جمالا وروعة كما حدث في ترجمة بوب للإلياذة وفتز جرا لد لرباعيات الخيام، ولكن يجب أن نعترف أن هذه ليست شرحاً ولا ترجمة بل هي خلق جديد.

كل ما أخذ عن النقد الرديء هو أنه يعني بالموضوع بدلا من الشكل.

وقد عاب (ميتو أرنو لد) (دكتور جونسون) لحكمه الخاطئ على (ليسيداس) (مرثية ملتن لصديقه كنج) (إن أكبر غلطاته هو ظنه أنه ما من أحد يجد سروراً أو لذة في قراءة ليسيداس لأن معنى هذه القصيدة ليس حقيقياً وفكرتها قديمة) وقد وقع ميتو أرنو لد في نفس الخطأ عندما أعلن حربه على شيلي في قوله: (يعوزه شئ هام في الشعر لا يمكن أن يشفى

<<  <  ج:
ص:  >  >>