رفعها إليها (الضيف الغريب) جالت في صفحة فكرها وجلبت السكينة إلى نفسها وقالت تحدث زوجها في خفوت، وقد كادت أن تأخذه سنة من النوم: -
(سيمون!. . .) فأجابها في توجس وضيق: (ماذا؟!)
- (لقد أتيتما على آخر ما عندنا من الخبز. . . ولست أدري ما الذي نفعله غداً!! ليتني أستعير بعضاً من جارتنا (مارثا!. . .)
- (إذا امتد بنا الأجل إلى الغد. . . فسوف نرزق من حيث لا ندري!. . .)
فلبثت المرأة برهة لا تنبس. . . ثم قالت في رقة (يخيل إلي أنه رجل طيب كريم، ولكن ما الذي يحمله على الصمت فلا يكشف لنا جلية أمره؟!.)
- (أحسب أن لديه علة تمنعه!.)
- (سيمون!.)
- (نعم!.)
- (ما بالنا نعطي! وليس ثمت من يتفضل علينا بعطاء)
فحار سيمون جواباً. . . ثم لم يلبث أن قال لها: - (دعينا من هذا الحديث!. . .) وانقلب على جانبه. . . وراح يغري بعينيه النوم بعد أن جفاه.!
وفي الغداة. . . أفاق (سيمون) من نومه، وكانت الأطفال تعبث في البيت صياحاً ولهواً، وانطلقت زوجته لتسأل جارتها بعضاً من الخبز. . . أما الغريب فكان يجلس على مقعده - في ثياب سيمون الخلقة - يرمي طرفه إلى السماء - وفي عينيه توسل ورجاء، وقد عاد إلى وجهه بهاؤه وضياؤه عن البارحة. . .
فقال (سيمون) في طلاقة ومرح: (هه!. . . أيها الصديق. . . إن السغب يدعو الإنسان إلى السعي وراء القوت، والعرى يضطره إلى طلب الملبس. . . فعليه أن يعمل ويكد. . . فما الذي تعرفه من المهن؟!.)