فلم يلبث أن راعه ذلك وقال في أحيح وعجب:(آه!. كيف تفعل هذا يا ميشيل؟! لقد لبثت معي سنة بأكملها - لم تأت أثناءها بخطأ قط فكيف تقع في هذه الغلطة التي ستوردنا مورد الهلاك!. لقد قال إلينا السيد أنه يود حذاءاً. وها أنت قد جعلت له من جلده الثمين خفاً. . . سوف يثير حنقه علينا. . . وما في قدرتنا أن نأتي بجلد مثله. . . لقد حطمت حياتي يا ميشيل!.)
فما وفيما هو يعلك ألفاظاً من التوبيخ والعتاب. . . حتى سمعوا طرقاً على الباب وأبصروا من النافذة رجلاً يترجل عن جواده ويربطه في حلقة الباب. . . ففتحت له (مترونا). . . وكان ذلك الرجل هو التابع الذي صحب (السيد الجليل) في الصباح. . . فقال لهم:(لقد بعثت بي سيدتي في أمر الحذاء!.) فقال سيمون في جذع:
- (ماذا عن الحذاء؟!)
(إن سيدي ليس في حاجة إليه!. فقد مات.!)
- (هه!. أحقاً هذا؟!)
- أجل. . . لقد دهمه الموت وهو في مركبته!. فلما بلغنا المنزل. . . جاء الخدم يعاونونه. . . فقد حرجت جثته على الأرض كالكيس الممتلئ. . . وقد بعثت بي سيدتي لأقول لكم إن السيد الذي أتاكم هذا الصباح ليس بحاجة إلى الحذاء. . . بل ينبغي أن تعجلوا بعمل خف لجثته. . . كي أحمله إليها الآن.)
فقام ميشيل. . . وضم بقايا الجلد إلى الخف بعد أن مسحه بمئزرته وسلمه إلى الخادم الذي انطلق به قائلا:(وداعاً أيها السادة!. . .)
كرت السنون. . . وها هو ذا ميشيل يعيش عامه السادس مع سيمون وعائلته لم يتحول عما درج عليه. . . ولم يتغير شئ من طبعه. . . لا يخرج أبداً من الدار. . . ولا يتحدث إلا بمقدار ولم يرتسم الابتسامة على شفتيه إلا مرتين لا تثلثهما أخرى. . .
واحدة حينما تفضلت عليه (مترونا) بالطعام. . . والثانية حينما كان يحدق في ركن من الغرفة فوق (السيد الجليل) وكان سيمون على وفاق مع عامله. ولم يسأله يوماً من أين أتى بل كان في خشية من أن يرحل ميشيل عنه. . .
وبينما هم جميعاً في الدار ذات يوم. . . وكانت (مترونا) تضع إناء على النار، والصغار