للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وفوق هذا فقد كانوا يقضون على السآمة التي تعقب مثل هذه الرحلات الشاقة بما يتفرغون له من دروس علمية أثناء سيرهم واستنساخ بعض الكتب العلمية التي هم في حاجة إليها.

وعسى أن تتاح لي الفرصة فأوافي (الرسالة) الغراء ببحث خاص ذا صلة بالموضوع، ومن كان متعجلاً فليراجع ما ورد بهامش مقال لنا نشر في عدد ٢٣٤ من مجلة الرابطة العربية تحت عنوان: خصائص الشعر في عصر ابن شهاب أو يبل غلته بمراجعة تاريخ دخول الإسلام إلى (الفليبين) وهو من تأليف الدكتور نجيب صليب اللبناني المتوفى سنة ١٩٣٥، وهو مطبوع في اللغة الإنجليزية طبع (مينلا) سنة ١٩٠٥م

لقد كانت المدة التي قضيتها في البحر من حين أبحرنا من

(المكلا) بعد ظهر يوم الأحد في ٧١١١٩٤٣ إلى أن أرست بنا

السفينة في ميناء (جدة) في ٢٥١١١٩٤٣ هي الكفيلة بأن تتيح

لي ما لم يكن في الحسبان.

وكانت الدواعي التي تجعلني أهتم بالبحث في التعرف على أنباء اليم كثيرة، ولو لم يكن منها إلا المتعة الغذائية التي يتحفنا بها اليم في صباح كلُّ يوم ومسائه لكانت هي وحدها كافية فضلا عن الناحية العلمية التي يجدر بنا أن نشارك فبها بحسب المستطاع.

لفتت نظري هذه الأحياء العظيمة التي نشاهدها في البحر في كلُّ آن، وهي تمشي زرافات ووحدانا، والتي منها ما يتحدى سفينتنا في مجراها. فكاشفت ربان السفينة الحضرمية والبحارة وزملاؤهم أن لي شغفاً بالتعرف على هذه الأسماك مما شاهدنا وما لم نشاهد. فما كان منهم إلا أن أمدوني بهذه المعلومات التي أدونها (للرسالة) الغراء، ولهم علي فضل التنويه والشكر.

ولم يحجم أبناء البحر - أستغفر الله - بل أخدانه عن الحديث إلا ريثما أدون ما يفوه به المتصدي للحديث، وكنت أدقق في ضبط الألفاظ غاية التدقيق حتى إذا ما أشكل عليَّ لفظ استعدته مرة أخرى. هذا ما كان من جانبي؛ أما ما كان من جانبهم فانهم كانوا مرهفين أسماعهم لمحدثي. فإذا ما قدم أو أخر نبهوه إلى غلطة في الحال.

فكانت لدى متعة روحية طيلة الساعتين التي قضيتهما في العوم مع الأسماك.

<<  <  ج:
ص:  >  >>