يحس غيره بضرورة الإصلاح، وأن الوضع الاجتماعي في كماله المنشود إنما يقاس مبلغ كماله بمقدار ما فيه مما يشاكل كمال نفسه وتلك تتخاذل دونها الغايات.
وهل كان يستطيع أن يغمض العين غير مساوئ عصره لو لم تحركه دوافع شخصية إلى استنكارها؟ ذلك ما لا يستطيع أحد أن يقوله، ولا هو مما يجوز في عقل عاقل إلا على أوزاع الناس والهمج منهم، ولقد كان ذلك الشاعر القوي الروح العظيم الثقافة مطبوعا على حب الحرية وعلى الجهر بما يؤمن أنه الحق، ومن أجل ذلك كانت نفسه ثورة متصلة الحلقات منذ أن عصى أباه وهو صغير إذ أراد يسلكه في سلك الدين بإلحاقه بالكنيسة وأبى إلا أن يهب للشعر نفسه، ومنذ أن كان يتأبى على قيود عرفية في الجامعة وينكر على الجامدين فيها جمودهم، إلى أن جاهر الإيطاليين بمخالفته إياهم في فطرتهم الدينية على الرغم مما حذِّر به وليسوا قومه، إلى أن أذن القساوسة في وطنه بحرب منه، كلُّ أولئك لأن نفسه تأبى إقرار الباطل ولا ترضى بغير الحق. . .
ولا يسع كلُّ منصف إلا القول بأن ما يشير إليه بعض الناس من دوافع شخصية إنما هو دليل على سلامة عنصره ونبل نفسه وسمو روحه.