بين يدي الآن مذكرات في علم البلاغة المعاني أملاها الأستاذ الشيخ (أمين الخولي) علىطلبته أن يناقش، ولكني رأيت أن يشركني القارئ في هذا الأسلوب الذي يدرس به هؤلاء الأعلام!!.
وإنما يعنيني هذا الأمر لأن البلاغة فن من الفنون قبل أن تكون علما من العلوم، وما دامت فنا فهي تتطلب ما تتطلبه الفنون من حسن العرض وجمال التنسيق الذوق الأدبي في المتعلمين، ولهذا كانت حاجتها إلى الإكثار من النماذج العربية الصحيحة الفصيحة. ومن العرض المتأنق الجميل الحاجة القصوى، ولكن ماذا نقول حين أستاذ البلاغة في الجامعة المصرية يعرض هذا الفن، كما يعرض واعظ العامة موعظته في أسلوب عامي ركيك، ولنقتصر الآن على عرضه لثلاث آيات من كتاب الله الكريم:
١ - (وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفئن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم) بشرحها الأستاذ هكذا (وبعبارة أخرى يريد الله أن يقول: هو محمد ده يطلع إيه؟ محمد هذا والرسل من قبله مجرد (سعاة بوسته) هو مرسال زيّ المراسيل اللي قبله. . . بيجي ويروح ويموت وينقتل. . . الخ فإذا حصل شيء من هذا يبقى خلاص انقطع ما بينكم وبين الله؟ هو يعنفهم لا على نكوصهم عن محمد، بل لنكوصهم من أجل موت محمد ولذا يقول: أفئن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم. . . الخانتهى بنصه وفصه!!
صدقني - أيها القارئ - إن هذه عبارته. فهل هذا التجدد؟ هذا كلام يمكن. أن نتصور صدوره من وأعظ يلقى عظته على جماعة من (البرابرة) فيضطر إلى أن ينحدر هذا الانحدار، على أني واثق من أن مثل هذا الواعظ يعف لسانه وذوقه عن هذا الهذيان!
ولكن ما الحيلة والرجل من كبار المجددين في علوم البلاغة، أليس التجدد هو مخالفة الأقدمين؟ أليس التجدد هو بساطة والحذلقة، وما المانع من أن يلقى على طلبة الجامعة أن محمداً وعيسى وموسى وإبراهيم وجميع الرسل ليسو إلا (سعاة بوسته)؟ وهل في ألسنة البلاغيين أصدق وأبسط وأحسن من هذا التعبير الجميل الظريف الخفيف؟!
٢ - قال الله تعالى:(وما أنت بمسمع من في القبور إن أنت إلا بنذير). وقال الشيخ نفعنا الله به وبعلمه آمين (أنت مش حتسمع اللي في القبور. والحقيقة أنه هو مش قدام أموات، وإنما قدام ناس ألواح وبهايم، والقرآن بيقول له: إنك حريص قوي على هدايتهم، والأحسن