إنك ما تحرصش كثير على هذه الهدية. قال له ذلك لأنه شاف إنه كاد لفرط عنايته بأن يهتدي هؤلاء القوم أن يخرج عن فينسى أن مهمته هي مجرد التبليغ. هو عمال يحرق في دمه الناس دول، ووفاؤه لمهمته هو الذي يحمله على الإسراف في الإلحاح ويهز في هذه الألواح، ويحاول أن يبعث فيهم نفحة من الهداية بأي ثمن. فقال له الله: يا أخي أنت حارق نفسك ليه. . . أنت مانتش حاجة أبداً إلا نذير تنذر من ينذر، وتخوف من يخاف، وتعلم من يتعلم، وتنبه من يتنبه، ودول أموات. . . فالأحسن لك أنك تريح نفسك).
والله ما أدري ماذا أقول؟ وأني لخائف أن أقابل هذا الكلام بما هو به جدير فيستثقل القراء وستبردون كلماتي. ولو أن في الجامعة قوماً يحاسبون المدرس لا تهموا هذا الأستاذ بتهم أقلها إفساد ذوق التلاميذ.
على أن شرحه بعد ركاكته وتهافته - ليس موافقاً كلُّ الموافقة لما تنطق به الآية، وإدراك ذلك سهل ميسور.
٣ - وقال عز وجل (وإذا قال الله يا عيسى بن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله). ويقول الشيخ:(الحوار في هذه الآيات بين عيسى وبين الله حوار خيالي محض صور وقوعه بعد أن انتقل عيسى من هذا العالم الذي نحن فيه بدليل (فلما توفيتني) وكأن الله يقول لهم (أنتم بتقولوا عيسى ده إله، وإنه هو الذي أمركم أنكم تعبدوه. . . نجيبه؟ نسحبه ونسأله؟ ثم صور بعد ذلك أنه لو قام وبعث إلى الحياة لدار بينه وبين الله هذا الحوار: الناس الباردين دول. . . هل أنت قلت لهم يا عيسى إنك إله؟ قول لهم يا أخي)!
بمثل هذه الأساليب البارعة الفاتنة يلقى مدرس البلاغة في جامعة فؤاد الأول، وسيد المجددين كما يدعى. . . يلقى دروسه!
ومن الإنصاف أن نذكر أن الأستاذ الفاضل أدرك أخيراً ما في هذه الأساليب من ضعف وسخافة، فأشار على تلاميذه أن يمروا بالقلم على بعضها، ولكنه بعد قلم خفيف إن مر على دفاترهم، فلن يمر على أفكارهم وأذهانهم. . .