والصغار إلى حد ما، والواقع ليس التلميذ الصغير مستعداً لإدراك حقيقة التاريخ كشيء يشمله مباشرة، كمجرى أو أسلوب عام للحياة، هو نفسه عليه أن يأخذ بنصيب في هذا الأسلوب: إن إعلاء أو استمراراً أو تعديلا، لأنه يبدأ حياته حيث انتهى أسلافه؛ وإذا حاولنا النقص والهدم لاحتجنا إلى القرون الطويلة التي قضاها أسلافنا في التطور في مختلف فروع الحياة، حتى وصلوا إلى المرحلة التي نحن عليها، والتراث الذي خلفوه لنا. . .
على هذا كان تدريس التاريخ بل فهمه على وجه الصحيح غير ممكن إلا للراشدين. ففهمه يحتاج إلى الخبرة، وخبرة الطفل لا تزال قاصرة، والخبرة أساس في تكوين (فلسفة الشخص) أو نظرته إلى الحياة، وهذه الفلسفة أشعر حقيقة أنها تنقصنا نحن الكبار، فإذا كان الأمر كذلك بالنسبة لمعظم الراشدين فكيف تكون بالنسبة للطفل!؟
ومع كلُّ هذا لا بد من تدريس معلومات للطفل في مراحله الأولى تحت عنوان (تاريخ) ما هي هذه المعلومات؟ وكيف تدرس! مبحث آخر.
المهم الآن، هو أن التسليم بهذه الحقيقة يزيل من أمامنا الكثير من فوضى العهد القديم والطرق التقليدية التي من أبرز خصائصها في رأي فيلسوف التربية الحديثة (ديوي) ثلاث:
١ - الإلقاء المطلق أو الإيجابية المطلقة من جانب المدرس.
٢ - الاستماع المطلق أو السلبية المطلقة من جانب التلميذ وعدم احترام فاعليته وذاتيته.
٣ - صب المعلومات دون نظر إلى قيمتها في نظر التلميذ
فيحفظ شيئاً من الأحداث والألفاظ، لا دلالة لها في نفسه بالمرة، ثم نعتقد بعد هذا خطأ أننا نعرف تاريخاً أو نعلم تاريخاً، لا لشيء إلا لأننا قرأنا وحفظنا الكتاب المقرر، وأساس هذه الفوضى وهذا الإفلاس في النتائج من (حيث تكوين المصري المثقف المتعلم) المستفيد من التاريخ الحقيقي، هو الخلط بين التاريخ وكتاب التاريخ، وهذا خلط طبيعي في مثل هذا الموضوع، ومما يزيد في صعوبة تدريس التاريخ الحقيقي للطفل عدم إمكان تطبيق الطريقة العلمية أو التجريبية في التدريس التاريخ ولا أسمي استخلاص الحقائق من الوثائق طريقة علمية لتدريس التاريخ، فهذا عمل المؤرخ المختص ووفق شروط كثيرة جداً ودقيق لا تتأتى للمتعلم الناشئ - إن أردنا إخراج مؤرخين - ويمكن تلخيص هذه الشروط فيما