كأظافر الوحش ومخالبه. ولكن الوحش يفترس ليعيش هو، وهؤلاء يحاربون لئلا يعيش غيرهم؛ ووجدتهم استخدموا قوى الطبيعة ولكن للشر، واستعملوا عقولهم ولكن في الضلال. وهذه طبيعة الانسان، فلا تقل ان كل مولود يولد على الفطرة يهودانه أو يمجسانه، فان هذا حجة لي، لان أبوي المولود من البشر، فإذا كانا يفسدان الفطرة فلان الإفساد من عمل الإنسان، ما عرفنا حيوانا يفسد فطرة الله في وليده لا سبعا ولا قطا ولا دودة ولا طائرا، أو ليست نفس الإنسان يا أستاذ أمارة بالسوء؟ أليست أخت الشيطان: تصفد الشياطين بالأغلال في رمضان فتخلفها نفوس بني أدم فتعمل عملها وتفسد فسادها، وتوسوس وسواسها (فوسوس أليه الشيطان)، (ونعلم ما توسوس به نفسه)(إن النفس لأمارة بالسوء)، وما نفس الإنسان؟ أنها طبيعته التي طبعه الله عليها.
ومادام كلانا (والحمد لله) مسلما، فعلام نختلف في حكم من أحكام الإسلام، وهو أن هذه الحياة الدنيا طريق له غاية خلق الله الناس لها، (وما خلقت الجن والأنس إلا ليعبدون)، وان من يحرص على راحته في سفره، ويتخير لذلك الزاد والمركب ولا يكون له مقصد من السفر لا المنفعة ولا المتعة ولا السياحة فهو أحمق، وإن كل عمل يعمله من لا يؤمن بالله، وكل اختراع يخترعه سراب بقيعة، لا يزيده من الله إلا بعدا، ولا يكون في الإسلام إلا دليلا على جهله وضلاله وخسارة. . .
أيستطيع مسلم يا أستاذنا عبد المنعم أن ينازع في هذا؟ فما النتيجة؟ هي أن الإنسان شر الدواب في الدنيا، وأخزى المخلوقات يوم القيامة ما لم يطهر نفسه بالأيمان، ويصلح فساد طبيعته بالاتصال بالله.
وهل أدل على ندرة الحق والخير والجمال في عالم الإنسان من كونه جعلها مثلا اعلى، ومطمحا من المطامح البعيدة، وأملا من الآمال النائية؟ ولو كانت خلائق راسخة فيه، وكانت طبيعة ملازمة له، ما جعلها كذلك. فلو كان صادقا ما كان يمدح الصادق بصدقه، ويعجب منه أن لازمه وأقام عليه. ولو كان وفيا ما كان ثالث المستحيلات عنده. . . الخل الوفي، وإنما يطمح المرء إلى ما لا يملك، وأن مائة الدينار من الذهب هي (مثل أعلى) للفقير المفلس، ولكنها عند الغني حقيقة تافهة. . .
إلا أنى أؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الأخر والقضاء خيره وشره، ولكني لا