فقال: أعزك الله، ما معنى مكاشري؟ إنما هو مكاسري، كسر بيتي إلى كسر بيته. فقطع اللحياني الإملاء بعد ذلك. . .
وحدث أبو العيناء قال: كتبت إلى صديق لي: جعلت فداك من السوء كله! فلقيني بعد ذلك فقال لي: إنما استفيد أبدا منك - لأعدمت ذاك - وقد كتبت إلى: جعلت فداك من الشوكلة. فما الشوكلة؟ قال: فعجبت وضحكت ثم قلت: نلتقي بعد هذا وتقع الفائدة!
وحدث عون بن محمد عن أبيه قال: حضرت الأحمر وهو يملي بابا في النحو ويقول: تقول العرب أوصيتك أباك، يريدون بابيك، وأوصيتك بابيك، وأوصيتك جارك، يريدون بجارك، وأنشد:
عجبتُ من (دهماء) إذ تشكونا ... ومن آبي (دهماء) إذ يوصينا
جيرانَنا. . . كأننا جافونا!
فقال له رجل: أنت تقيس الباب على باطل، إنما هو: خيرا بها كأننا جافونا. قال: فغضب وقام!
وقرأ رجل يوما على عبد الله بن المفجع:
ولما نزلنا منزلا طلَّه الندى ... أنيقاً وبستاناً من النور (خالياً)
بالخاء المعجمة - فحرك المفجع رأسه وقال: يا سيد أمه، فعلى أي شيء كنتم تشربون؟؟ على الخسف؟!
ولأجل هذه الشناعة في التصحيف كانوا يتحاشونه، ويتداعون إلى ذمه في أشعارهم. قال ابن عساكر صاحب تاريخ دمشق:
وإنك لن ترى للعلم شيئاً ... يحققه كأفواه الرجال
فلا تأخذه من صحف فترمَى ... من التصحيف بالداء العضالِ
ولم يهج شاعر أبا حاتم السجستاني بأشد مما قال فيه:
إذا أسند القومُ أخبارهم ... فإسنادْه الصّحف والهاجس
ومن طرائف أبي نؤاس قوله في أبان اللاحقي:
صحَّفتْ أمك إذ سمَّ ... تك في المهد (أبانا)
قد علمنا ما أرادتْ! ... لم تُرِد إلا (أتانا)