المغفلين فقال: عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن جبريل، عن الله، عن رجل قال: فنظرت فقلت: من هذا الذي يصلح أن يكون شيخ الله؟ فإذا هو قد صحفه، وحقه - عز وجل -
وصحف رجل قول النبي صلى الله عليه وسلم: عم الرجل صنو أبيه فقال: غم الرجل ضيق أبيه.
وصحفوا: لا يرث حميل إلا ببينة (والحميل الدعي في نسبه) فقالوا: لا يرث جميل إلا بثينة!
ومن الأحاديث المصحفة قوله عليه الصلوات: أتحبون أن تكونوا كالحمر الضالة؟ قالوا: هي (الصالة) بالصاد المهملة - يقال للحمار الوحشي الحاد الصوت، صال وصلصال، كأنه يريد الصحيحة الأجساد الشديدة الأصوات لقوتها ونشاطها.
وللأدباء والنحاة وعلماء اللغة تصحيفات كثيرة تتبع بعضهم بعضا فاكثروا التتبع حتى افتضحوا جميعا. ولا تكاد تخلو مجموعة لغوية من فصل يعقد لهذا النوع المتعنت من النقد. ونحن نبدأ في هذا المقام بذكر السقطة التي أخذوها على الجاحظ (يرحمه الله)، لأنه كان ممن لا ينفك يتتبع سقطات الرجال، بل ليتزيد عليهم من القول بما يدعهم مضغة الأفواه وأضحوكة المحافل. . . قال العسكري في كتابه: سمعت من يحكي عن ابن دريد - ولم أسمع هذه الحكاية منه - إنه قال: وجدت للجاحظ في كتاب البيان والتبيين تصحيفا شنيعا في الموضع الذي يقول فيه: حدثني محمد بن سلام قال: سمعت يونس يقول: ما جاءنا عن أحد من روائع الكلام ما جاءنا عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أبو بكر: وإنما هو عن البتي (بضم الباء وكسر التاء مشددة) أي عن عثمان البتي وكان فصيحا؛ فأما النبي صلى الله عليه وسلم، فلا شك عند المسلم والذمي انه كان افصح الناس. فهذا تصحيف آبي عثمان الجاحظ!
وجلس اللحياني (أبو الحسن علي بن المبارك) يملي نوادره يوما فقال: مثقل استعان بذقنه. فقام أليه يعقوب بن السكيت وهو حدث فقال: يا أبا الحسن، إنما العرب تقول: مثقل استعان بدفيه، يريدون الجمل إذا نهض بالحمل استعان بجنبيه. فقطع اللحياني الإملاء، فلما كان في المجلس الثاني أملى فقال: تقول العرب: هو جاري مكاشري (بشين معجمة)، فقام يعقوب