من حر لفح وبرد قارس، فلكي تحفظ نسلها ونوعها كان لزاما عليها أن تتوالد بكثرة على حد قول الشاعر:
بغاث الطير أكثرها فراخاً ... وأم الصقر مقلاة لزور
وقد يرى القارئ مما تقدم ذكره بأن علم البيولوجي ولاسيما ما يختص منه بعالم المكروبات كان بطيء التطور والتقدم، ومازال كذلك بالنسبة لعلوم الطبيعة الأخرى مثل الكيمياء والطبيعة وعلم الفلك والمكنيكا التي نهض بها العلماء منذ أجيال بعيدة وبلغت ألان من الإتقان شأوا بعيدا، ولا نكون مبالغين إن قلنا بان حضارتنا الحالية إنما نشأت من تقدم هذه العلوم وتطبيقها.
أما علم البيولوجي فأظن إن من أهم أسباب تأخره هي صعوبة الموضوع فهو حقا شائك. خذ الخلية الحيوانية أو الإنسانية خاصة وما تحويه من المواد البروتوبلازمية المعقدة التركيب ولاسيما نواة الخلية وكيف أن هذه النواة تتكون من أجسام كروموسومية، وإن هذه الأخيرة تتكون من أجسام اخرى، وهي التي تكيف الإنسان وتكون طبائعه بل وشخصيته، كذلك خلايا الجهاز العصبي وأليافه من حيث فسيولوجيتها وتفاعلاتها الحسية والنفسية كل ذلك غاية في الدقة ومازال بعضها سرا غامضا إلى ألان.