للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

عامل الهواء والحرارة المناسبة فإذا ارتفعت الحرارة لدرجة لا تناسبها أبادتها وقضت عليها.

أما العالم المكروبيولوجي (نيدهام) (١٦١٣ إلى ١٧٨١) فلم يعتقد في صحة أراء (اسبالانزاني) وكان شديد التعصب لفكرة الجيل التلقائي.

وهنالك بعض الفلاسفة مثل (شوبنهور) و (ليبنز وفلتير هاجموا فكرة الجيل التلقائي إذ أنها غير منطقية ولا معقولة، سيما فلتير فقد أعجب كثيرا من نظرية العالم الإيطالي اسبالانزاني وانتقد بأسلوبه التهكمي اللاذع العالم الهولندي (نيدهام) وسخر من ارائه، والف كتابا سماه شواذ الطبيعة

هذا وقد انقسم العلماء إلى فريقين: فريق - وقد اصبحوا أقلية - يعتقد في تكوين المكروبات والأحياء الدنيا من الجماد والمواد العضوية المتعفنة. وفريق - وهم الأغلبية - قد اعتقدوا في حقيقة الجرثومة وان الأحياء لا تنشأ إلا من جرثومة حية. إلى أن جاء العالم الفرنسي الأكبر (لوي باستير) الذي يعتبر بحق اكبر رجل خدم الإنسانية باكتشافاته العديدة والتي غيرت مجرى الطب والجراحة بل وكل علم الأحياء مما كان له الفضل في إنقاذ البشرية، ولا يتسع المجال في مثل هذه العجالة للخوض في اكتشافات باستير فقد وصفت عدة مجلدات، ونذكر منها ما يهمنا فيما نحن بصدده. ولد باستير سنة ١٨٢٢ وتوفي في عام ١٨٩٥ بدأ حياته العلمية كعالم كيميائي، وله في هذا العلم اكتشافات قيمة، ولكنه منذ عام ١٨٥٧ م بدأ يهتم بعلم المكروبيولوجي فدرس عملية التخمير الكحولي واللبني واثبت أن عملية التخمير لا تأتي عرضا أو عن طريق المصادفة وإنما تسببها كائنات حية تسمى ال الخميرة، وقد اثبت ذلك بتجارب علمية غاية في الإتقان، وقد تصدى له كثير من العلماء المعاصرين في ذلك الوقت ودارت بينه وبينهم مناقشات تاريخية عنيفة عدة اشهر اضطرتهم أخيرا إلى التسليم. وقد اثبت كذلك بان ظاهرة الانحلال والتعفن التي نشاهدها إنما هي نتيجة لفعل المكروبات وليست المكروبات محلوله من تلك المواد العضوية المنحلة وهذه المكروبات توجد في الهواء وفي الماء وعلى الأرض، وأنها تتجمع على تلك المواد العضوية لتقتات منها وتستمد منها قوتها كما تتخذها مهدا لذريتها، وهذه المكروبات تتوالد بسرعة مدهشة وبكميات وفيرة، وذلك لضعفها وفتك عوادي الطبيعة بها

<<  <  ج:
ص:  >  >>