قد بكت فقدك المنابر حزنا ... وتردت عليك ثوب الحداد
وبكتك العلوم من كل فن ... كنت فيه من أوحد الأفراد
شتت الدهر شملنا وافترقنا ... وكذا الدهر مولع بالعناد
فسأبكيك ما حييت إلى أن ... نلتقي في جوار رب العباد
وتختم الرثاء برثاء شقيقها إبراهيم العالم اللغوي المشهور:
لم يبق للحزن صبر ولا جلد ... ولا دموع تفي لي حق من فقدوا
وضاق صدري مما قد تراكم من ... حزني ولم يبق لي للاحتمال يد
بينا يضمد لي جرح لفقد أخ ... يجدد البين جرحاً ليس ينضمد
أخنى الزمان علينا مثل عادته ... واغتال من هو ركن البيت والسند
مضى الشقيق فشق القلب مصرعه ... وخلف النار في الأحشاء تتقد
ثم تقول:
يا قائل القول ما زالت به كلم ... وصاحب الرأي حقاً ليس ينتقد
منشى الفصول التي ما خطها قلم ... رب البيان الذي لم يحوه أحد
ومنها:
وكوكب الشرق ما تخبو له لمع ... وإن خبت فالضيا في أثرها مدد
بما نشرت لسان العرب معتصم ... وما نظمت لسان العرب معتضد
فضل سيبقى بقاء الدهر متصلا ... عليك لا ينقضي أو ينقضي الأبد
ثم تختم بهذه الأبيات:
يا صخر بنت الشريد اليوم منتشر ... لها عليك قواف في الورى شرد
هيهات ما فقدت صخري ولا نظمت ... دمعي ولا وجدت خنساء ما أجد
بكت وحيداً وأبكي ستة ذهبوا ... لكل محمدة بين الورى ولدوا
يا رحمة الله حلي في مضاجعهم ... ويا غمائم جودي حيثما رقدوا
وقد رثته ثانية حيث أنشدت على ضريح العائلة في بيروت أي بعد نقل رفاته من مصر:
يا قبر أهنأ بما أوتيت من ظفر ... فقد حويت كرام البدو والحضر
حويت من هزّ ركن العلم مصرعهم ... من بعد ما ألبسوه أفخر الحبر