قد يعترض البعض على هذا الكتاب بأنه يزيد في القواعد ونحن نحاول التخفيف منها وجوابنا على هذا الاعتراض أن الكمال يحتاج إلى المجهود.
وقد يرى البعض أن الكتاب غايته التنغيم، وليس هذا من طبيعة الاشياء، ولا هو من طبيعة الشعر العربي.
والواقع أن هذا الرأي في غير محله، لان التنغيم هو الأصل في الشعر العربي وهو الأمر الطبيعي فيه، لأن الشعر والغناء من اصل واحد عند الأمم كافة، وقد وضع الشعر العربي في أول أمره لينشد تكريما للإلهة. والملوك، فكان لابد من إظهار العاطفة فيه بالنغم، فاليونان، والرومان يقولون إلى ألان (غني شعرا) ولا يقولون نظم شعرا والذي نراه إن العرب لم يشذوا عن هذه القاعدة، لأنهم ليسوا بدعة من بدع الحياة والطبيعة. ونرى فوق ذلك فان العرب ينظموا الشعر من أجل تكريم آلهة العشق في أول أمرهم (العزى) بدليل أن كل قصيدة لا بد لهم من أن يبدأوها بالغزل. وكان شعراء العرب يغنون شعرهم كألاعشى قبل الإسلام والشاعر الذي لم يكن صوته جميلا رخيما كان يقتنى غلاما رخيم الصوت ينشد أشعاره ولو لم يكن الإنشاد أصلا في الشعر لما خص كل نوع من العواطف ببحر، فنرى أن البحر الطويل يوافق لنظم الشعر الحماسي والوافر للفخر، والرحل للحزن أو الفرح، والسريع لتمثيل العواطف.
إذا فالكتاب المبحوث عنه محاولة نفيسة لا يسعنا إلا إكبارها، وإكبار صاحبها ومترجميها. وسيكون مفتاحا من مفاتيح الموسيقى العربية الشديدة التفلت من القيود.