النارية الملتهبة من خلال زجاج أحد نوافذ الفندق، وقد التقت إبصارهما للمرة الثانية، فأسرع الصيني بالانزواء خلف أحد الأبواب. وقد اخبرني الهولاندي انه كاد يصعق في مكانه عند رؤية الصيني للمرة الثالثة. وكان على ثقة وطيدة من انه ينتظر الوقت المناسب، ويترقب الفرصة الملائمة لاغتياله. وقد قرأ ذلك في نظرات عينيه التي كانت تدل على منتهى الغدروالخيانة، وينبعث منهما بريق الضغينة والحقد الكامنين في أعماق نفسه.
وهنا توقف مضيفي عن الحديث، فانتهزت هذه الفرصة السانحة وسألته قائلا:
ولم لم يذهب هذا الهولاندي إلى أحد مراكز الشرطة يحيط رجاله علما بأمر هذا الصيني الأثيم، فيقبضوا عليه، وينقذوه من شره وعدوانه؟
فأجابني محدثي على الفور:
لست أدري سببا لذلك إلا أن يكون قد ظن أن هذا الأمر من التفاهة بحيث لا يجدر برجال الشرطة أن يتدخلوا فيه، وربما يكون هناك سر خفي لا يجب أذاعته بين الناس!
وهنا خطر لي سؤال أخر فقلت:
- وما هي تلك الجريرة التي ارتكبها هذا الهولاندي حتى جعلت ذلك الصيني يصمم على قتله
مهما كلفه ذلك، واضطرته إلى تعقبه ومطاردته في كل مكان يذهب إليه!
فهز رفيقي رأسه متأسفا وقال:
- إنني لا أدري ذلك أيضا لأنه لم يشأ أن يخبرني به، وعندما ألقيت عليه هذا السؤال بدوري، امتقع وجهه ونظر آلي من طرف عينه نظرة غريبة شزراء والتزم الصمت! وقد تبينت من ملامح وجهه الشاحب وجبينه المقطب الكثير التجاعيد أن إساءته لهذا الصيني كانت تستحق القتل، وهنا قدم لي مضيفي علبة سجايره الفاخرة فتناولت منها واحدة وتناول هو الأخرى وأشعل كل منا سيجارته في وقت واحد. وظل رفيقي يدخن برهة وينظر إلى سحب الدخان التي كانت تتلاشى في فضاء الحجرة دون أن يفوه بكلمة واحدة وأخيرا تضايقت من سكوته فقلت: