إذا سقطت (أشعة رنتجن) على جسم مومض فانه يومض ويتألق، فهل العكس صحيح؟ هل المادة بعد تعرضها لأشعة الشمس ثم تركها تومض في الظلام، تخرج (أشعة اكس) أو أشعة نفاذة مثلها؟ للاجابة على ذلكالسؤال اشتغل (بيكرل) بأملاح الأورانيوم المومضة، فتركها في الشمس مدة ثم لفها في ورق أسود ووضعها في الظلام بجوار لوح فوتوغرافي، فوجد بعد مدة أن اللوح قد تأثر. إذن هناك أشعة خرجت من ملح الأورانيوم المومض ونفذت من الورق الأسود، فهي كأشعة رنتجن في ذلك، وقد وجد لها أيضاً بقية الخواص المعروفة لهذه الأشعة. ولكن استمرار البحث بّين له أن هذه الأشعة الخارجة ليس لها علاقة البتة بالوميض كما كان يعتقد. فالوميض يضعف عادة مع الوقت، ولكن هذه الأشعة النفاذة لم يكن ليعتريها الضعف بمقدار محسوس. أذاب الأملاح المومضة وبلْوَرها في الظلام دون تعريضها لأشعة الشمس فوجدها تخرج نفس الأشعة. أخذ أملاح الأورانيوم غير المومضة فوجدها تخرج نفس الإشعاع النفاذ.
جاءت بعد ذلك الخطوة الثالثة التي كان من نتيجتها الكشف عن (المواد المشِعّة) أو المواد الراديومية
انقسم العلماء بعد تجارب (بيكرل) إلى فريقين: الأول ذهب يبحث عن ماهية الأشعة التي تصدر من أملاح الأورانيوم، والثاني يبحث عن مواد أخرى لها نفس خواص أملاح الأورانيوم، وقد تزعم هذا الفريق (مدام كوري) وزوجها، بعد أن أبدت رأيها في مبحث الفريق الأول من العلماء بأن قالت: إن (الفعل الإشعاعي) لأملاح الأورانيوم راجع إلى خاصية في المادة لم تعرف بعد ولا تشبه في ذلك أشعة رنتجن.
وأول ما وصلت إليه (مدام كوري) في بحثها أن إشعاع أملاح الأورانيوم (خاصية ذرية). أي أن مقدار الإشعاع يتوقف على مقدار الأورانيوم أو عدد ذرات العنصر الموجودة في المادة المختبرة، وليس له أية علاقة بالمواد الأخرى الداخلة في تركيب الملح. وإلى ذلك يعزى سر نجاحها في الكشف عن مادتين مشعتين أخريين
وجدت بقياس الفعل الإشعاعي لبعض المواد التي تحتوي الأورانيوم أن قوة إشعاعها تفوق ما ينتظر أن يكون، على حساب أن الموجود في المادة أورانيوم فقط. فلو كان الفعل الإشعاعي (خاصية ذرية) كما وجدت هي فلا بد أن توجد مادة أخرى أقوى في فعلها