الإشعاعي من مادة الأورانيوم نفسها. وعلى هذا الأساس بدأت (مدام كوري) تعمل لكي تفصل هذه المادة الجديدة. وقد شجعتها حكومة النمسا على المضي في بحثها بأن أهدت إليها طناً من المعادن المحتوية على أملاح الأورانيوم المستخرجة من (بوهيميا) الموجود في الخامات، ولكنها وجدت أن الباقي كان أشد فعلاً وإشعاعاً من مقدار الأورانيوم المستخرج بأربع أو خمس مرات. فاستخرجت ملح البزموث الموجود في الخامات فوجدته متحداً مع مادة فعالة مشعة سمتها (بولونيوم) نسبة إلى وطنها الأصلي (بولونيا). ثم استخرجت ملح الباريوم الموجود فيما تبقى من الخامات فوجدته متحداً مع مادة مشعة أخرى سمتها (راديوم) أو (المشِع)، وهي تسمية موفقة، لأن هذه المادة الجديدة تفوق في إشعاعها (الأورانيوم) بمقدار مليوني مرة إذا قورنت به وزناً بوزن. وقد أعلنت (مدام كوري) عن هذا الاكتشاف العظيم في رسالة قرأتها أمام (أكاديمية العلوم) في باريس سنة ١٨٩٨
وقد أثارت رسالتها الرغبة في نفوس كثير من العلماء للبحث عن ماهية الأشعة المنطلقة ذاتيا من المواد المشعة، وقد كان من قادة هذا البحث سير (جوزيف تومسون) وسير (إرنست رثر فورد)(وهو الآن لورد رثر فورد). فام تأت سنة ١٩٠٠ حتى كان من المعروف أن هناك ثلاثة أنواع من الإشعاع تصدر عن المواد الراديومية.
الأول - أشعة لا تقدر على النفاذ من ورقة رقيقة، وقد سميت (الأشعة الألِفية). وقد درسها (رثر فورد) في المدة الواقعة بين سنة ١٩٠٣، ١٩٠٩ فعرف أنها ليست أشعة بل دقائق متحركة بسرعة كبيرة، وأنها مشحونة بشحنة كهربائية موجبة، وأنها عبارة عن ذرات غاز الهليوم الذي تملأ به المناطيد الحديثة. وقد استخدم (رثر فورد) هذه الدقائق كقذائف يرمي بها الذرات فيحطمها، وكان من نتيجة بحوثه في ذلك أن وضع النظرية الذرية الحديثة، القائلة بأن الذرة عبارة عن نواة متركزة في الوسط موجبة التكهرب، يدور حولها الكترونات سالبة.
الثاني - أشعة يمكنها النفاذ من ألواح من الألومنيوم سمكها بضعة مليمترات، فهي أكثر نفاذا من الأشعة الألفية وقد سميت (الأشعة البائية). وفي سنة ١٨٩٩ تمكن (بيكرل) و (جيزل) و (كوري) من معرفة أن هذه الأشعة تنحرف بتأثير المجال المغناطيسي، فهي