هبط هذا المتسول العاجز القذر، يسأل من هناك قوتاً وطعاما. . . لله!. . . المسكين يعرف أن الله في كل مكان!!!
وإن هي إلا لحظة حتى توجهت إليه النظرات الشرر، مصحوبة بالتأفف والتقزز والاشمئزاز. وسرعان ما تداولته أيدي الشرطة والحراس، في حنق وغيظ: كيف جاز لهذا المنبوذ أن يطأ الأرض المحرمة التي لا تطئوها أقدام الشعب إلا بترخيص؟!
وبعد وساطة بعض الطيبين من حراس الشاطئ هناك رضى الشرطي أن يقذف به على (الكورنيش) ولا يقوده إلى (النقطة) وحسبه ما لقي من صفعات. . .
وفي وسط هذه المظاهرة تبرز في خفية وفي تلصص فتاة. . . فتاة خادم رقيقة الحال، تبرز لتندسس خفية إلى الرجل المسكين وتدس في يده شيئا وهي مذعورة. ثم تهمس في حذر:(أدي قرش ساغ يا عمي. بس إدي لي منه تعريفه. أحسن والنبي عايزاه وما عندي غير القرش ده)!
وبحث الرجل في جيوبه فوجد نصف القرش المطلوب. فكررت له الفتاة معذرتها في طلب نصف القرش، وأنا أسمع وأرى. ثم سارت تسرع الخطى، هابطة إلى الأرض المحرمة. فهي من هناك!
وفجأة وجدت نفسي تضطرب، فتسرع نحوها خطاي. وأمد يدي إليها بقرش قائلاً: خذي يا بنية قرشك الذي أعطيته للشحاذ!
ونظرت إلى برهة ثم قالت:(لا يا عم. إدية للراجل الغلبان. أنا موش عايزاه. أنا عايزه الثواب من الله!).
الله! لقد صدق الرجل في حدسه! فالله موجود في كل مكان حتى هنا في (بلاج الأرستقراط)!!!