مبحث وموضوع، وأنماط قوالب، وصيغ وتراكيب، وعبارات وألفاظ، وعرض وسياق، وحس وشعور. وهو إما أدب رومانتيكي قوطي يتصف بما تتصف به آثار العصور الوسطى، ويضرب شعره ونثره وما يتصل بهما بسهم وافر في الشذوذ والاضطراب والإغراب في الخيال. وهو إما أدب غير رومانتيكي قوطي، خلو من جميع الخصائص والصفات التي سبق ذكرها.
هذا ما كان من شأن الأدب، وهذا ما كان من شأن الرومانتيكية في إنجلترا في القرن الثامن عشر. غير أن الدهر غير، فما هي إلا دورة من دورات الفلك حتى درست القوطية، واندثرت، واختفت من معاجم الأدب. وحان الحين للرومانتيكية أن تتربع وحدها على عرشها، وأن تصبح ذات الكلمة الناقدة والسلطة الأولى واليد الطولي في الكم على تواليف الأدباء. على أن الرومانتيكية لم تستقر طويلاً في إنجلترا، فما لبث أن ذاع صيتها واشهر أمرها وترمى خبرها إلى فرنسا. فاستعملها روسو في كتاباته، وكان استعماله لها بشيراً بازدياد صيرورتها واتساع انتشارها. فما هي إلا فترة أو بضع فترة حتى تلقفها الكتاب الألمان، وعكفوا على درسها وشرحها، فاستوعبوها وفلسفوها وبينوا معالمها واختطوا لها الأصول والقواعد.
ويعزو جيته إلى نفسه فضل إدخال هذه الكلمة إلى ألمانيا، ونحن نشك في هذا الفضل فقد يعزى إليه أو قد يعزى إلى غيره، ولكن هذا لا يعنينا في هذا المقام، وإنما يعنينا أن نستقصي ما قاله، ونتعرف ماله من اثر. قال:
(إن فكرة التفرقة بين الشعر الكلاسيكي والشعر الرومانتيكي هذه التفرقة التي طبقت شهرتها الآفاق، والتي تثير من المنازعات والانقسامات الشيء الكثير، ترجع في الأصل إلى شيلر وإليّ. فقد صغت في عبارة موجزة طريقة معالجة الشعر معالجة موضوعية، وأنا آبى أن أقتفي خطى أية طريقة أخرى، غير أن شيلر الذي يهتم بالناحية الذاتية يعد طريقته الطريقة الصحيحة. وقد اعتنق آل شليجل هذه الفكرة، ومن ثم فقد انتشرت في جميع أنحاء العالم، وكل فرد يتحدث الآن الكلاسيكية والرومانتيكية اللتين لم يطرقهما أحد بتفكيره منذ خمسين عاما).
والواقع الذي لا مرية فيه أن جيته ساهم بنصيب موفور في انتشار الرومانتيكية وينعكس