ما لم يعتصم بما في طبعه من طباع الخير، وبما يأتيه من هدى الله.
ولو ربي الأطفال جميعا حق التربية، ولم يهملوا هذا الإهمال الشنيع الغالب الذي نراه في الأمم المتأخرة، لرأينا أن نسبة الخير ترتفع في حياة الناس ونسبة الشر تنخفض، كما وقع ذلك في عهد الدولة الإسلامية الأولى، وكما يقع الآن في دول شمال أوربا كفنلندا والسويد والنرويج والدانمرك.
وهذا يدل على أن الإنسان يتغلب على ما في طبعه من الشر بالتربية وطباع الخير، فليس الشر غالبا إلا بما يظاهره من فساد النظم الاقتصادية وإهمال التربية والتهذيب والتعليم
وبعد، فهذا هذا الفهم الذي فهمه الصديق الطنطاوي، إنما هو من آثار السير في الحدود الموروثة وعدم تغير طرق النظر بتغير العصور، وأرجو أن يتحرر صديقي في فهم القرآن من جميع الموروثات حتى تنكشف له أعاجيب ووجوه جديدة من الرأي الذي يشهد للقرآن بأنه كتاب البشرية في جميع عصورها وأحوالها
وبعد، فإن نوعا يخرج محمدا وأولي العزم من الرسل والحكماء والصديقين والعلماء والرواد المجاهدين جدير بأن يوثق به ويؤمن بقيمته، فإن مقياس قيم الأنواع هو لبابها وجوهرها، وثمر الشجر اقل شيء عددا فيه، والشوك يكون مع الورد، والظلام مع النور، والفساد وسيلة لأدراك الصلاح والحفاوة به.
(ونبلوكم بالشر والخير فتنة)، فالخير أيضا فتنة!
هذي طباع الناس معروضة ... فخالطوا العلم أو فارقوا!