للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

على كفالتهم بعدي).

على إنني لم ادر تماما أأنا حقا مصاب بذلك الضغط، وأن التفاوت بين الحالتين يرجع إلى تلك الأسباب من تركيز تفكيري فيه كلما جرعت دواءا أو أكلت مسلوقا أو تجنبت محذورا، ومن الشعور الكريه الذي ينتابني في مدخلي إلى الطبيب، واسوداد الدنيا أمام ناظري حينما ابصر ذلك القماش الأسود، ومن التفكير في التأمين على الحياة، إلى ما يجره كل هذا من الهم والحزن ونكد العيش؛ فإذا نفت عني إرادتي كل ذلك أو إذا ذهب عني لابتعادي عن مثيراته شعرت بأني في حالة عادية لا يشوبها أي كدر، ولكن ما بالي لم اشعر بشيء من قبل ولا من بعد؟ أم أنا يوم فحصني طبيب الشركة وقاس ضغطي لأول مرة كنت متغير المزاج لأي سبب بأن وقع لي قبيل الفحص ما جعل مشير المقياس يرتفع إلى رقم ما كان يبلغه لو كنت في حالة عادية، ثم استقرت الفكرة في نفسي بعد ذلك بحيث يسبب الشعور بها عند كل مناسبة ارتفاعا في الضغط؟ وعلى ذلك أستطيع أن افرض إن كثير من الناس أصيب به عندما شاهدت عيناه القماش الأسود يلف على ذراعه لأول مرة، وصارت رؤيته بعد ذلك تبعث الوساوس وتجلب الأكدار.

ولا أعني بالوصول إلى نتيجة حاسمة في ذلك، فلا سبيل إليها اولا، لعدم الانسجام بين راحة بالي وبين مقياس الضغط. والأمر الثاني الذي يصرفني عن تحقق وجود ارتفاع الضغط هو إنني عرفت أن أوفق شيء لي أن أحيا حياة صحية عادية، لا أتكلف فيها تناول شيء أو أتجنب آخر ما دمت في حدود القانون الصحي العام، وإنني عندما اعمد إلى العلاج أراني أتداوى (بالتي كانت هي الداء) على فرق ما بيني وبين أبي نواس من اللذة والألم والنشوة والحسرة، ومن أن كأسه تداوي والذي كنت فيه يدئ.

وبعد، فهذه قصتي مع ضغط الدم، سقتها هنا بدافع الرغبة في التعبير الأدبي عن تجارب تضمنت أحاسيس وأن فعالات، ولعل فيها إلى ذلك مادة تنفع من وقع في مثل ما وقعت فيه، أو تعصم من يوشك أن يقع أو تحمل العبرة إلى من يعتبر من بعيد.

عباس حسان خضر

<<  <  ج:
ص:  >  >>