للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

رابعا - مدرسة حران الوثنية، ولسنا نعرف مؤسس هذه المدرسة ولا كيفية نشأتها، والذي وصلنا إلينا عن حران أنها كانت مثابة لتعاليم الديانة اليونانية القديمة بعد أن طغت عليها المسيحية بالعالم اليوناني. والراجح أن حران قد ورثت كثيرا من تعاليم الديانة البابلية القديمة، وان هذه المدرسة أيضا كانت متأثرة إلى حد بعيد بتعاليم الأفلاطونية الجديدة كما وصفها (فرفوريوس الصوري).

خامسا - العبرانيون، وأهم مدارسهم في صور، وبانباديئا وكانت عاكفة على درس شرائعهم التقليدية، ولئن ورث العبرانيون عن النساطرة نزعة إلى علم الطب إلا انهم لم يتفقوا عليهم قط، وقد ذكر (لكلارك) في كتابه تاريخ الطب عند العرب في القرن العاشر ٢٩ طالبا مسيحيا، على حين لم يذكر سوى ثلاثة من أطباء اليهود وأربعة من وثني حران.

والى جانب هذه العوامل الرئيسية التي استمد منها فكر العربي أسلوب دراسة الحضارتين القديمتين اليونانية والرومانية، فقد كانت هناك مراكز هامة أخرى بالثقافة اليونانية فقد ذكر (دييل) انه كان في كل من أنطاكيه والرها، ونصيبين - وذكر أيضا حران - أبان الفتح الإسلامي مدارس راقية احسن أساتذتها فهم الثقافة الإغريقية وفلسفة ارسطو، والعلوم والطب المعروفة عند القدماء. وقال أيضا: (إن خلفاء بني أمية كانوا يرجعون إلى هؤلاء الأساتذة ليستعينوا على نقل أهم كتب اليونان والبيزنطيين العلمية والأدبية إلى السريانية والعربية.

العرب والترجمة:

بعد أن تثقف العرب على يد هؤلاء الأساتذة وجهوا همهم إلى دراسة الحضارتين: اليونانية والرومانية دراسة مستقلة، واستخراج أهم روائعهما التي قد تفيدهم في بناء حضارتهم. فعكفوا على دراسة المؤلفات القديمة، واجتهدوا في تفهمها وشرحها ثم علقوا عليها ذيولا إضافية، ظهر فيها طابع العبقرية الإسلامية، وعدلوا فيها ونقدوها، وزادوا من عندهم أشياء جديدة وكان لهم نظر صائب في إمازة الغث من السمين، والوضع من الأصل. ومن الذين اشتهروا في ميدان الترجمة كان خالد بن يزيد بن معاوية بن أبى سفيان المعروف بحكيم آل مروان، فقد ترجم كثيرا من كتب الفلاسفة، ولا سيما كتب علوم الطب والنجوم والكيمياء والآلات، والصناعات من اللسان اليوناني والقبطي والسرياني (وكانت الترجمة أحيانا من

<<  <  ج:
ص:  >  >>