اليونانية إلى العبرانية، ومن العبرانية إلى السريانية) ويقال أن خالدا هذا كان أول من انشأ دار كتب في الإسلام، وقد أنشأها في دمشق.
وفي عهد عمر بن عبد العزيز، ترجم كتاب الطب الذي ألفه اهرن بن أعين، إلى اللغة العربية بأمر هذا الخليفة الصالح.
ويقسم بعضهم تاريخ الترجمة عند العرب إلى قسمين: أما الأول فيبتدأ من ١٣٢ هـ - ١٩٨هـ أي منذ بداية خلافة السفاح إلى خاتمة عصر الأمين، وفي هذا العصر ظهرت العبقرية العربية واضحة جلية لا سيما في الكتب التي ترجمها عبد الله ابن المقفع إلى العربية.
العصر المأموني:
أما القسم الثاني من تاريخ الترجمة عند العرب فيبتدأ بتسلم المأمون ذروة الخلافة ويعرف بالعصر المأموني، ويضاهي هذا العصر في تاريخ الحضارة العربية، بتقدم العلوم فيه وازدهارها، عصر بركليس في أثينا. واهم ما يمتاز به هو إنشاء بيت الحكمة التي أقامها الخليفة المأمون في بغداد، فجمعت في خزائنها اشهر الكتب العلمية القديمة، وضمت بين جدرانها كبار المشتغلين بالعلوم والفلسفة والنقل. وكان يتولى الهيمنة على إدارة دار الكتب هذه الوزير المعروف، سهل بن هارون، وجاء في بعض الروايات أن يحيى بن أبى منصور الموصلي المنجم المعروف، ومحمد بن موسى الخوارزمي صاحب الازياج المشهورة والمصور الأرضي البديع الصنع، كانا من خزنة بيت الحكمة المأمون. وكان علاّن الشعوبي، والفضل بن توبخت، وأولاد شاكر من الذين يترددون على هذه الدار أما للمطالعة، أو للنسخ والترجمة والتأليف.
وفي هذا الدور أيضا بعث المأمون إلى حاكم صقلية المسيحي يأمره بأن يرسل إليه جميع الكتب العلمية والفلسفية الموجودة في مكتبة صقلية الشهيرة، فتردد هذا في إرسالها، وضن بها كل الضن ولما ألح عليه الخليفة في الطلب جمع كبار رجالات الدولة واستشارهم في الأمر، فأشار عليه المطران الأكبر بقوله (أرسلها إليه فوالله ما دخلت هذه العلوم في أمة إلا أفسدتها) فعمل الحاكم بمشورته، وهي إن دلت على شيء فلا تدل إلا على مقدار كراهية رجال الاكليروس للعلم ونفورهم من ظل العلماء.