للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وانهم أباء الشعب الروحيين، أولئك الذين يسخرون أقلامهم وذممهم وضمائرهم لهذا الجيل من الساسة، فيضربون بأقلامهم ذات اليمين وذات الشمال، وينهشون سمعة هذا السياسي أو ذاك، ثم يعودون فيبيضون ما سودوا وقد يقفون مادحين في حفلات تكريم تقام لأولئك الساسة الذين قالوا عنهم من قبل: انهم مجرمون قذرون منحطون منخوبو الضمائر فأسدوا الذمم، لا استصلاح لهم بحال من الأحوال! والشعب ينظر ويعجب: أما أن يكون هؤلاء القادة الروحيون كاذبين في الماضي، وأما أن يكونوا كاذبين في الحاضر. وهم في كل حال لا يؤمنون على قيادة الشعب الروحية، وتلك ذممهم وهذه ضمائرهم بين حال وحال!

ومدرسة للسخط على أولئك الوزراء الذين تطول ألسنتهم وتطول أقلامهم وهم يتطلعون إلى الكرسي المسحور، فتتفتق قرائحهم عن خطط وبرامج للإصلاح الاجتماعي، وللنهضة الفكرية وللقضية الوطنية، ولإصلاح أداة الحكم، ولتطهير الدواوين، ولمكافحة اللجان. . . إلى أخر ما تهديهم إليه اللهفة على ذلك الكرسي المسحور، حتى إذا جلسوا في ذلك الكرسي، ند عنهم جميع ما اعدوا من خطط، وما نسقوا من برامج، ونفث فيهم ذلك الكرسي اللعين سحره الذي يعمى ويصم، ويفسد الذمة، ويكبت الضمير. . . ثم يطيح به الكرسي اللعين فيصحو من سبات، ويجد له بعد ذلك عينا يفتحها ولسانا يديره لإعادة الاسطوانة من جديد! والشعب ينظر ويعجب: أما أن يكون هؤلاء كاذبين في الأولى، وأما أن يكونوا كاذبين في الثانية. وهم في كل حال لا يؤمنون على مصالح هذا الشعب، وتلك ذممهم وهذه ضمائرهم في جميع الأحوال!

ومدرسة للسخط على أولئك الباشوات وغير الباشوات الذين يلحقون بعضوية الشركات ليكونوا ستارا لهذه الشركات في استغلال الشعب واستغفاله، ثم يدعون أن الشركات إنما قدرت فيهم الكفاية الممتازة (ما يأكلون في بطونهم إلا النار)!

ومدرسة للسخط على أولئك (الارستقراط) الذين يعلمون من هم، ويعرفون ينابيع ثروتهم أو ثروة آبائهم وأجدادهم، ونصفهم يعلمون إن أصلهم القريب جارية أو معتوقة، ونصفهم الآخر - إلا عددا يعد على الأصابع - يعرفون انهم هم أو آباؤهم أو أجدادهم على أكثر تقدير أدوا ثمن هذا الثراء أعراضا أو خدمات لا يقوم بها الرجل الشريف للاحتلال ولغير الاحتلال. . .

<<  <  ج:
ص:  >  >>