للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

ومع هذا كله يزمون أنوفهم اشمئزازا من (الفلاحين) ومن (أبناء الشعب) على وجه العموم، لأنهم ليسوا من (أولاد الذوات) وليسوا (ارستقراط)! والشعب ينظر ويعجب: أكان حتما على هذا الشعب كله أن يكون أبناء جواري ومعاتيق، أو أن يقوم بخدمات لا يقوم بها الشرفاء للاحتلال وغير الاحتلال؟

ومدرسة للسخط على أولئك الذين ليسوا (ارستقراط)، إنما هم من أبناء الشعب، علمهم الشعب، وارتفع بهم إلى مقاعد الوزارة وغير الوزارة، وقد يكونوا ممن تعلموا بالمجان لضيق ذات اليد والعجز عن أداء نفقات التعليم، ثم هم بعد ذلك يتسخطون على (مجانية التعليم)، لأنها تزحم المدارس بأولاد الفقراء، ولأنها تمزج بين أبنائهم وأبناء الفقراء، ولأنها تعلم أولادهم أخلاق الفقراء!

(يا دم)! باللغة العامية الفصيحة! شيئا من الحياء يا هؤلاء! شيئا من الاعتراف بالجميل للشعب صاحب الجميل!!

وتنشئ الدولة مدارس خاصة لأبناء الأغنياء ومن يتشبهون بالأغنياء. . . لماذا؟ لأنهم مالوا بأبنائهم إلى المدارس الأجنبية فرارا من أبناء الشعب في المدارس المجانية!!

وماذا على الدولة وماذا على الشعب حين يذهب هؤلاء إلى الجحيم لا إلى المدارس الأجنبية؟ أنه لا خير فيهم لهذا الشعب هنا أو هناك! انهم خوارج عليه لأنهم يتبرءون منه، فليذهبوا حيث يشاءون، ولتسر الدولة في الطريق المرسوم لتعميم المجانية، فهو طريق إجباري مهما عارض فيه المعارضون، لان المستقبل لن يسمح بفوارق الطبقات!

ومدرسة للسخط على محطة الإذاعة، تلك المحطة التي تنقل ما في المواخير والصالات، وما في الأفلام السينمائية، وهي لا ترتفع عن المواخير والصالات، تنقله إلى كل بيت، والى كل سمع، شاء من في البيوت أم أبوا، ورضى الناس أم كرهوا، ولا تدع هذا الهراء القذر محدودا في الصالة أو الفيلم يراه من يشاء، ويذهب إليه من يشاء، بل تفرضه فرضا على البيوت، حتى إذا كان فيها بقية من إنسانية أو حياء، قضت على هذه البقية الباقية من الإنسانية ومن الحياء، وهي تصنع كل يوم هذه الجريمة وتنفق عليها من جيب هذا الشعب الذي تفتت كيانه في كل لحظة من اللحظات!

ومدرسة للسخط على تلك الصحافة الداعرة، التي تسمى نفسها (صحافة ناجحة) لأنها تنادي

<<  <  ج:
ص:  >  >>