للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الغريزة الحيوانية وتستثيرها في كل سطر وفي كل صورة، وهو عمل رخيص لا يحتاج إلى براعة صحفية، عمل يقوم به مديرو المواخير فيطاردهم بوليس الآداب في كل مكان! ودع عنك ما يقوم به بعض هذه الصحف من دعاية للاستعمار ولخدام الاستعمار، وما يثبطون به عزائم المصريين كلما هموا للجهاد في سبيل قضيتهم الكبرى. وما كانت هذه الصحف في حاجة إلى تلك الدعاية السافرة أو المستترة، فهي بما تنشر من صور داعرة، وبما تثير من غرائز هابطة، تقتل في الأمة كل نخوة وكل شرف وكل قوة، وتهيئها للاستغراق في لذائذ حيوانية، لا تسال بعدها عن وطن ولاعن استقلال!

وأخيرا مدرسة للسخط على هذا الشعب الذي يسمح بكل هذه (المساخر)، ويتقبل كل تلك الأوضاع، دون أن ينتفض فينبذ هؤلاء وأولئك جميعا، وينفض يده من رجال السياسة المضللين، ورجال الأدب والصحافة المأجورين، ورجال الحكم المدلسين، ومن الاستقراط والمتسقرطين! ومن دعاة المواخير: في محطة الإذاعة، وفي السينما، وفي الصحف، وفي المواخير!

مدارس للسخط! ما أحوج الشعب منها إلى الكثير، انه لأحوج إليها من الطعام والشراب. . . فمن ينشئها؟!

أينشئها هذا الجيل من الشباب المائع المسترخي إلا النادر القليل؟. . . كلا! إنما تنشئها الأقلام المخلصة، الأقلام التي تواجه الحقائق، ولا تنفر منها، ولا تخشى عاقبة الجهر بها، الأقلام التي لا تيئس ولا تمل، ولا تؤمن بأنه لا فائدة!

وأنها لفريضة على كل صاحب قلم، ولن تضيع صرخة واحدة في الهواء، فالهواء احفظ للأصداء، والأجواء حفية بالدعاء، ومن لم توقظه الدعوة، فلتوقظه الصيحة. . .

ولا يأس مع الحياة!

سيد قطب

<<  <  ج:
ص:  >  >>