للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أخرى في الطريق أذكر منها بئر الكنائس والحجفا وغيرها.

يقطع المسافر من مرسى مطروح الصحراء الغربية في رقعة من الأرض متشابهة الأشكال والمنظر لا تتغير فيها، فهي رمال صفراء تغطيها قطع صغيرة من الأحجار المتناثرة هنا وهناك، ويمر في طريقه ببعض التلول الصخرية القاتمة اللون، ولا يرى إلا سراب الصحراء على امتداد البصر، ولقد رسمت السيارات دروباً واضحة في الصحراء بحيث أصبح السائقون على إلمام بها بحيث لا يضلون الطريق كأنما هم يسيرون في شوارع البلاد الآهلة بالسكان، وقبل الوصول إلى سيوة بما يقرب من عشرين كيلو متراً تبدأ العربات بالانحدار في طرق متعرجة وسط الصخور التي تحيط الواحة، ولا يزال هذه الطرق تنحدر في ميلها تدريجياً حتى تتمكن السيارات في نهايتها من الوصول إلى الواحة نفسها، وذلك الانحدار طبيعي لأن هضبة الصحراء ترتفع عن سطح البحر، بينما الواحة نفسها منخفضة عن سطح البحر حوالي عشرين متراً، وما أن ينتهي ذلك الانحدار حتى ترى أشجار النخيل وقد مالت كل منها على الأخرى وكأنما هي عرائس وضعت على رؤوسها أكاليل من أوراق الربيع الخضراء، وتراها وهي في وسط الواحة الهادئة الساكنة كأنما تسر كل منها للأخرى أسرار الكون وأسرار وجود الحياة وسط تلك الصخور الصامتة الخرساء. ولا شك في أن القادم على سيوة حينما يقع بصره على أشجار الزيتون والنخيل يشعر بالفرق الشاسع بين تلك الصحراء المملة برمالها ودروبها، وبين تلك الواحة باخضرارها ووجود الحياة البالغة فيها، ثم يستمر السير وسط حقول الواحة وقد أحيط كل حقل بسياج من جريد النخل الذي لفحته حرارة الشمس فتحول لونه من أخضر زاه إلى أصفر ذهبي، وبعد مسير بضع دقائق تصل وسط البلدة مركز سيوة.

(يتبع)

كابتن

<<  <  ج:
ص:  >  >>