للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وكهولنا وشيوخنا على فتح الدنيا، فإذا خَلَفهم يتعاونون جميعاُ شيوخاً وشباباُ وكهولا على ترك بلادهم وأرضهم لقمة سائغة لكل طامع، ولحماً ممزقاً بين يدي كل جزَّار وإن هان؟

إن علينا نحن الشباب أن نوقر شيوخنا ونجلَّهم ونستفيد من تجاربهم، وعلينا أن ننازلهم ونصارعهم، ونأخذ من أيديهم المرتعشة ما يستقرُّ في راحاتنا الثابتة التي لا تخافُ ولا تتهيب. علينا أن نأخذ حقنا أخْذ الكريم المقتدر، من أقران نصارعهم ليموتوا موت الكريم البذَّال. وعلى هذا الصراع بين جيلينا يتوقف أمر الخير الذي نبتغيه، والاستقلال الذي نجاهد في سبيله، والعزة التي نسعى إلى اقتحام أهوالها.

وعلى شيوخنا أن يعلموا أنه لا بد لهم من شباب شديد الأسر يشد أزرهم إذا ضعفوا، ويخلفهم إذا هلكوا ولكنهم غفلوا زماناً فتركوا النشء ينشأ بين أحضانهم، فلم يسدّدُوه ولم يعاونوه ولم يعدُّوه لغدهم، وقلبوا آية الحياة وبدَّلوا معناها، فكانوا هم الصبيان حين تخلقوا بأخلاق الصبيان، وأصرُّوا على حبّ التملك والتسلط والأثرة والعناد واللجاج في كبير الأمر وصغيره!

هذه الأيام تمضي بنا سِراعاً، فلنقدّر لغدٍ، فإن مستقبل الشرق معقود بنواصي شبابه، فإذا نَفضَ عن نفسه غبار الكسل والمجاتة واللهو، كان إلى النصر أسرع ساعٍ، وعلى الدنيا الجديدة أكرم وافد.

محمود محمد شاكر

<<  <  ج:
ص:  >  >>