في حبه، قوياً في خلقه ذا نجدة عند الشدة، وهو بعدُ صافي القلب لا يحمل ضغينة ولا موجدة على عكس زميله محجوب طظ. . . أحبت إحسان علياً وإن لم يملك الحب لها، وأحبها هو وتمكن الحب منه، ولكن ما لبث أن فجع في حبه حين تعرض لفتاته الموظف الضخم الذي أغرى بماله. . . فطمع والدها، وشجع ابنته ودفعها فسقطت وحاولت أن تقنع نفسها أنها إنما تضحي من أجل والديها واخوتها. . . سقطت ووجدت زوجها شاباً ساقطاً لا ضمير له؛ عرفته أيام كان تلميذاً. فهو صديق لعلي، وهو بعينه الأستاذ محجوب طظ الذي لا مانع لديه من أن يغذي قرنين ينبتان في رأسه مادام في الأمر منفعة له، وطظ في الكرامة. . . تزوجت محجوباً وعُين وارتفع ومازال في ارتفاع سادراً عن كل شيء غير معني بأبيه مدقع الفقر الذي أعياه المرض فقعد عن العمل، ومحجوب مادام لا يهمه الوالد فالأصدقاء لا قيمة لهم، ولتتقطع وشائج الزمالة، وليغضب مأمون للأخلاق ماشاء، وليحزن علي على حبيبته مادام محجوب يرتفع كل يوم. . . وفي نشوة الارتفاع ركل محجوب سالماً الأخشيدي، وهو الذي قدمه إلى الموظف الكبير، وقد كان أثيراً عنده قبل أن يأتي محجوب فانتقم الأخشيدي لنفسه، ودبر المؤامرة فعصفت بالموظف الكبير، وكان قد أصبح وزيراً، وعصفت بمحجوب وزوجه فذهب وكأنما أراد الأستاذ نجيب أن يهمس في أذنه:(طظ في طظك، ولتحيى الأخلاق!).
أما مأمون فشاب ملؤه الإيمان بالدين وبالقضية العربية أخره المرض وهو طفل عن الالتحاق بالمدرسة، وعندما التحق أخذ نفسه بالشدة، فكان الأول دائماً، وكانت حياته سائرة على نظام رتيب، وإنك لتجده كل خميس ذاهباً إلى مصر الجديدة حيث خطيبته التي تزوجها بعد حصوله على الليسانس وسافر معها إلى باريس في بعثة علمية.
وأما الرابع فهو أحمد طالب صحفي لا يلعب كثيراً على مسرح الرواية، ولا نعرف له رأياً لأنه صحفي والصحفي في رأيه - ولعل هذا هو رأيه الوحيد الذي أذاعه - لا يصح أن يقول رأياً، وهكذا اجتمع هؤلاء الأصدقاء وليس من يجمعهم سوى درس في الصباح ومسكن في المساء.
ولا يقتصر الأستاذ نجيب على هؤلاء بل هناك أشخاص كثيرون غيرهم كوالدي محجوب وحمد يس بك وأسرته ذات الماضي المتواضع، والحاضر الأرستقراطي، وإن لمحجوب