للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

فأما إن كنت تبغي الخلاص من براثن الوحش الغربي. فهناك طريق واحد لا تتشعب في المسالك. فهو أقرب طريق. . . اعرف نفسك، وراجع قواك، واستعد للصراع، وابدأ في الكفاح ولا تستمع إلى صوت خادع يوسوس لك بالثقة في ضمير الغرب المدخول.

وأما إذا كنت تبغي الراحة مع ذلك الجيل المكدود المهدود من الساسة المترفين الناعمين، فأمامك طرق كثيرة ذات شعب ومسالك، وذات منعرجات ودروب. هناك المفاوضة، والمحادثة، وجس النبض، واستطلاع الآراء. وهناك الديبلوماسية الناعمة الرقيقة، والكلمات الرفيقة الظريفة، وهناك الانتظار الذي لا ينتهي، والاستجداء الذي لا ينبغي. وهناك المؤتمرات الحافلة والموائد المستديرة، وهناك الكتب البيض، والكتب الزرق، والكتب الخضر، وما لا ينتهي من الطرق والمنعرجات والدروب!

والحمد لله - أيها الشرق - لقد تكشف لك القناع عن آخر ضمير (الضمير الأمريكاني) الذي كانت تتعلق به الأنظار، أنظار الغافلين والخادعين!!!

والحمد لله - أيها الشرق - إن شمسك الجديدة في شرق، وشمس هذا الغرب الفاجر في غروب. وإنك تملك من الرصيد الروحي، ومن ميراثك القديم، ما لا يملكه هذا الغرب المتطاحن الذي يأكل بعضه بعضاً كالوحوش لأنه يحكم قانون الغابة فيما يشجر بينه من شقاق لا ينتهي، وهل ينتهي الشقاق في الغابة بين الوحوش.

إنها الفرصة السانحة - أيها الشرق - للخلاص. فانفض عنك رجال الماضي الضعفاء المنهوكين. وابرز بنفسك للميدان، فقضايا الشعوب في هذه الأيام لابد أن تعالجها الشعوب.

وما قضية فلسطين إلا قضية كل شعب عربي، بل كل شعب شرقي. إنها الصراع بين الشرق الناهض، والغرب المتوحش.

سيد قطب

<<  <  ج:
ص:  >  >>