مكروه! وليس في أيدينا ما ندفع به عاديته من السلاح. فراح صاحبه يهون عليه ويقلل له من خطره، ويحدثه أن الذئب متى أعترض الإنسان في طريقه، فذلك بشرى بما تدخره له الأقدار من حظ سعيد، وحاول (تل) أن يثنيه عن عزمه في متابعة السير، ويقنعه بفساد هذه الخرافة فلم يفلح.
ثم لم يلبث (تل) أن ظهرت رجحان رأيه بعد قليل: فقد أقبل الذئب على جواد صاحبه، وهو مربوط إلى بعض أشجار الغابة، فافترسه وأكل من لحمه ما شاء، و (تل) وصاحبه مشغولان بالصيد. فلما عادا ورأيا الذئب منهمكاً في تمزيق لحم الجواد وازدراده، التفت (تل) إلى صاحبه، وقال له متهكما:
(ما أصدق رأيك يا صاح: ألا ترى حسن الحظ وهو يأكل جوادك).
بحسبنا هذا القدر على وجازته وإلا امتد بنا نفس القول فشغلتنا طرائف (مرآة البومة) عما هدفنا له من أغراض. على أنني أجتزئ في الحديث بتلكم الطرفة التي تعزى إلى (تل) مرة والى (بات) مرة أخرى، وإن كانت بثانيهما ألصق، وبطبعه أليق.
فهي من أبرع ما قرأته من أخبار هذه الشخصيات الرائعة: فقد زعموا أنه بعث إلى خليلته أو حليلته، فما يدري ذلكم أحد على وجه التحقيق، بالكتاب الآني:
(أرجو، إذا لم تصل إليك هذه الرسالة، أن تسرعي - من فورك - بالكتابة إليّ لأعرف أنك لم تقرئيها.
كما أرجو أن تعلمي أيتها العزيزة - إن كنت لا تعلمين - أنني لا شأن بما يقع في كتابي من خطأ في بعض الأحيان. فلست أنا مصدرها، ولا يجوز أن أحاسب عليها. إنما يؤخذ بها قلمي، فهو من نوع غير جيد، وكثيراً ما يتعثر في الكتابة، ويخونه التوفيق، فيجري بغير الصواب.