المعاني) فهذا عالم من علماء القرن الثامن الهجري وهو يذكر أن هذا التعريف (في مصطلح النظار من علماء البيان) وعرفها أبو هلال العسكري صاحب الصناعتين فقال: (البلاغة كل ما تبلغ به المعنى قلب السامع فتمكنه في نفسه لتمكنه في نفسك مع صورة مقبولة ومعرض حسن)، وللعلماء والأدباء تعاريف كثيرة للبلاغة ليس منها: مطابقة الكلام لمقتضى الحال.
ونحن إذا ما سألنا طالباً صغيراً عن تعريف علم المعاني يقول:(إنه علم بقواعد وأصول يعرف بها مطابقة الكلام لمقتضى الحال). فإذا قلنا له: هل مطابقة الكلام لمقتضى الحال هي البلاغة يقول: لا. بل لابد من زيادة وإضافة إليها. فنقول كما قال بعض العلماء (مع فصاحته)، وهذه عبارة مهمة جداً ومكملة للتعريف.
والطلاب الصغار يعرفون أن علوم البلاغة ثلاثة: المعاني، والبيان، والبديع. وأن لكل علم تعريفاً خاصاً، ولا يصلح تعريف علم منها لأن يكون تعريفاً للبلاغة. فهل يصر الأستاذ شاهين على أن هذا التعريف للبلاغة (لا يختلف فيع اثنان) أو يسلم معنا أنه كبا حيث أراد النهوض.
على أني كنت أنقد كلام الأستاذ في علم البيان وقلت (في هذا الفن) أقصده فهل يحتج بتعريف علم المعاني على كلام في علم البيان؟
٢ - قلت إن اللغة العربية مملوءة بالتشبيهات المحسة التي لا ترمي إلى معان وراءها، وعبت على الشيخ الخولي أن يعتبر جمل العلماء بيان حال المشبه من أغراض التشبيه (كلاماً فارغاً) فجاء الأستاذ شاهين يرد علينا هذا، وهو لم ينصف الشيخ أمين ولم ينصفنا.
العرب يقولون: أسود كحنك الغراب، ويقولون: أحمر كالدم القاني، ويقول امرؤ القيس:
ترى بعر الآرام في عرصاتها ... وقيعانها كأنه حب فلفل
ويقول الله سبحانه وتعالى (وجفان كالجواب وقدور راسيات) أفلا تكون هذه التشبيهات مقبولة حتى نتلمس لها معاني وراءها.
على أن الخبط وتلمس المعاني سهل ميسور ما دمنا لا نبالي الخطأ. فكل إنسان يستطيع أن يحمل النصوص ما لا تحتمل، ولذلك مثال سقناه في مقالنا الثالث المنشور في (الرسالة) وهو تعليق الشيخ أمين على بيت بشار بن برد.