وشهد نوبرجر بالحضارة العربية شهادة ترفع الرأس عالياً. فقال:(فاقت المدنية العربية في عصرها الذهبي مدنية رومية القديمة في حيويتها) ووافقه دوسن فقال: (إن المدنية الغربية الأوربية مدينة للمسلمين بميراث حكمة الأقدمين، وأن فتوح العرب في الإسلام لتعد من عجائب التاريخ، ومما يدعو إلى العجب أيضاً أن يصبحوا سادة نصف العالم في أقل من قرن، وأن يصبحوا في مائة سنة ذوي ثقافة عالية، وعلوم راقية، ومدنية زاهرة. بينما نجد الجرمانيين لما فتحوا الإمبراطورية الرومانية قد قضوا ألف عام قبل أن يقضوا على التوحش، وينهضوا لإحياء العلوم).
وقال العالم يهودا وهو رجل عبراني يدرس في جامعة مجريط (أخذ الناس يدركون الآن أن أوربا في القرون الوسطى مدينة للحضارة العربية التي اغترف من مناهلها المسلمون، واليهود، والنصارى على السواء. أخذ الناس الآن يفهمون أن العلوم الطبيعية والقوانين الأساسية في الفلسفة، والرياضيات، وعلوم العمران كانت تستمد روحها في زمن النهضة والإصلاح من ذلك المنهل العذب ألا وهو الحضارة العربية، وصار علماء العصر كلما تعمقوا في دراسة هذه الحضارة أدركوا أثرها البليغ في حضارة اليوم، وكشفوا مئات الكلمات الداخلة في اللغات الأوربية من أيام تلك الحضارة).
وقال سينوبوس:(لا مرية في أن العالم الإسلامي كان أسطع نوراً من العالم الغربي فكان المسيحيون يشعرون بنقصهم في التهذيب، ويعجبون بما يبدو لهم من غرائب الشرق، وكان النازع فيهم إلى العلم يقصد مدارس العرب).
هذه هي حضارة العرب الزاهرة التي يطعن عليها سرفيه وأمثاله من الخصوم والمتشيعين، والتاريخ كفيل بأن يعيد نفسه، فيتبوأ العربي عالي مكانته، ويستعيد زاهي مدنيته.
وهذه أيضا صورة أخرى من كتابنا (تحت راية الإسلام) الماثل للطبع. فعسى أن نكون قد أسدينا لهذه الأمة العزيزة بعض حقها علينا.