(العلم يرفع بيتاً لا عماد له) ... (على قدر أهل العزم تأتي العزائم)
بل يستشهد بشعر صوفي:
دواؤك فيك وما تشعر ... وداؤك منك وما تبصر
وتزعم أنك جرم صغير ... وفيك انطوى العالم الأكبر
ولعل هذا كله للتنويع المقصود به الترفيه عن القارئ
غير أن الحق أنه بهذه الشخصيات المتنوعة قد استطاع أن يجعل من كتابه هذا سجلاً شاملاً لحسنات يرجع إليها المستفيد لمحض الاستفادة والمستفيد لغرض الاستزادة علماً وعملاً على السواء؛ فمن حسناته أنه يصحح أخطاء شائعة بين الجمهور وأخرى بين الأوربيين وثالثة بين العلماء. إذ من الجمهور من يعتقد أن الدين يؤخر العلم والكتاب ينفي ذلك بالحجة الدامغة والواقع والمنطق الاستقرائي. ومن الأوربيين من يعتقد أنهم أصحاب الفضل على العلم والكتاب يبدههم بأن العلم إنما أزدهر قبل ميلاد الفكر الأوربي بمئات السنين. ومن العلماء من يعتقد أن (بيكون) هو الذي أستحدث (المنهاج) والكتاب يدلهم على أن المصريين والبابليين عرفوه من قديم. وهكذا. كتاب عظيم بمادته الغزيرة وحقائقه المدعمة بالأرقام حيثما كان للأرقام مجال. والمؤلف فطن غاية الفطنة إذ يعقب عليها بما يعود بالنفع على وطنه وعلى العالم جميعاً. فحينما يذكر مقدار الثروة المعدنية في مصر يهيب بشباب العلم أن يفكروا في استخدامها وتنميتها. . . وحين يقرر أن الجزء المنزرع من الوجه البحري فقط (٢٢٠٠ كيلومتر) يمكن أن يسع سكان الأرض طرا (٢٠٠٠ مليون نسمة) بحيث يخص كل فرد حوالي عشرة أمتار يستطرد فيشير إشارة خفيفة عنيفة إلى أن هذا النصيب الفردي الضئيل لا يحصل عليه كثير من المصريين، ثم يستطرد فينبه الأثرياء إلى أن حريتهم في أموالهم يجب أن تخضع للشعور بالمسؤولية وتقدير الواجب. وهكذا.
ولو أن في الكتاب أيضاً آراء سلفية تردد أقوال سقراط وأفلاطون وجلوكون عن الجمهورية والديموقراطية والأوليجراكية وهي - بالمعاني التي قصدها - أسماء تكاد تكون معدومة المسميات بل معدومة الوجود والأثر في عام ١٩٤٦ الذي نعيش فيه، ويحسن أن