إذا لمنا من يجور على جسده لأنه يضر الناس إذا اقتدوا به أجمعين فمن واجبنا أن نلوم كل ذي ملكة وكل ذي عمل وكل ذي ملكة وكل ذي فن وكل ذي رأي من الآراء. . فما من واحد بين هؤلاء إلا وهو يضر الناس إذا اقتدوا به أجمعين.
ومما لا جدال فيه أن نوازع الجسد تحجب الفكر عن بعض الحقائق الاجتماعية فضلاً عن الحقائق الكونية المصفاة.
ومما لا جدال فيه أن شواغل العيش وهموم الأسرة عائق عن بعض مطالب الإصلاح في الحياة اليومية، فضلاً عن الحياة الإنسانية الباقية على مر الدهور.
ومما لا جدال فيه أن طالب القوة الروحية كطالب القوة البدنية له حق كحق المصارع، والملاكم، وحامل الأثقال في استكمال ما يشاء من ملكات الإنسان، ولسنا على حق إذا أخذنا عليه أنه جار على جسده أو لذات عيشه، لأننا لا نلوم المصارع إذا نقصت فيه ملكة الفن أو ملكة العلم أو ملكة لروح.
لو أصبح كل الناس مصارعين لفسد كل الناس.
ولكن لابد من المصارعة مع هذا، ولا بد من المتفرغين لها إذا أردنا لها البقاء.
ولو أصبح الناس كلهم متصوفين معرضين عن شواغل الدنيا لفسدت الدنيا وبطل معنى الحياة ومعنى الزهد في الحياة.
ولكن لابد من هذه النزعة في بعض النفوس، وإلا قصرنا عن الشأو الأعلى في مطالب الروح، وفقدنا ثمرة (التخصص) أو ثمرة (القصد الحيوي) الذي ينظم لنا ثروة الأرواح وثروة العقول وثروة الأبدان.
فنحن لا نفند الحقيقة التي بسطها الأستاذ التي بسطها الأستاذ القصيمي في كتابه الجريء على الباطل.
ولكننا نقابل حقيقته بالحقيقة التي توازنها وتتمم لها موازينها ونقول إن الإفراط في العناية الروحية كالإفراط في العناية الجسدية بلاء إذا عم جميع الناس، ولكن البلاء الذي هو أعظم منه وأقسى على الناس جميعاً أن يبطل فيهم (الاختصاص) ولو كان الإفراط من مستلزماته، لأن (الإنسانية) كلها تستفيد من زيادة ملكاتها، وهي لا تزيد إلا بنقص في بعض الآحاد المعدودين.