للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

العربية وحرص العرب عليها حينما ساروا وأينما ساروا. قالت: أيترك الإنسان أمه إلى جارتها!

شرحت صدري، وأضاءت نفسي هذه الأحاديث وأشباهها وكم أصخت إلى صاحبي القادم من دكار يحدثني في ضوء القمر، ونحن نساير الساحل الشرقي من البحر الأبيض، ونرى جباله ومناراته وأضواء بلاده بعيدة خافتة.

ونزلت من الباخرة صباح السبت لعشرة من شهر أب، وفي سحنتي ولهجتي ما ييسر لي الأمور في الميناء

وأخذت سيارة إلى دمشق، فلما بلغنا أول مخفر في سورية وقف عليه السائق وتقدم شرطي ينظر في السيارة. قلت: أتريد جوائز السفر؟ فضحك وقال: عرفناك بلغتك. أهلاً وسهلاً، مع السلامة مع السلامة. يعني أنه عرفني مصرياً.

ودخلنا مدينة حماة بعد ظهر الاثنين سادس شوال أنا ورفيقي الأستاذ عبد المحسن الحسيني فطعمنا واسترحنا في فندق أبي الفداء ثم خرجنا نتفرج ونرى النواعير الهائلة على نهر العاصي، ونستمع لحنينها الدائم. وكنا على نية زيارة ملك حماة أبي الفداء صاحب التاريخ. فقلت لصاحبي: نرجع إلى الفندق فلن نعدم من يتعرف بنا ويدلنا على أبي الفداء. فلما بلغنا الفندق رأينا عربة تقف على الفندق، فقلنا نركب هذه العربة إلى مزار أبي الفداء، ورأينا رجلاً ينزل من العربة وطفلاً يبقى فيها، فانصرفنا عنها، وإذا الراكب الذي نزل يتقدم إلينا ضاحكاً قائلاً: أأعجبكما صورة العلم المصري على ظهر الحصان. وأن هذا الهلال والأنجم تصور العلم المصري. قلنا: بارك الله فيك. وسألناه عن الطريق إلى أبي الفداء فعرفنا نفسه وعرفنا، فإذا هو من وجوه المدينة ولا أريد ذكر أسماء في هذا المقال. قال: شرفوا ودعانا إلى الركوب. قلنا: معك طفل، وقد خرجت للتنزه، أو جئت للجلوس في هذه الحديقة، فلا نصدك عما خرجت له. فأبى إلا أن نركب معه. فأجبنا دعوته وسرنا إلى ضريح أبي الفداء في ظاهر المدينة؛ ولجنا باباً فرأينا إلى اليمين حجرة صغيرة عليها قبة، فدخلنا إلى ضريح قديم كتب عليه أسم أبي الفداء وتاريخ وفاته. ثم هبطنا درجات إلى صحن فيه أنبوب يستخرج الماء من نبع ويستقي منه جيران المسجد. وتقدمنا شطر الجنوب إلى مسجد صغير قيل لنا إن العامة تسميه مسجد الحيايا (أي الحيات) لأن فيه عمداً

<<  <  ج:
ص:  >  >>