تعاليمه كان الأستاذ (ديدرو) ينشر موسوعته الشهيرة، وقد جمع فيها خلاصة المعارف الإنسانية بعنوان الانسيكلوبيديا، واشترك في تأليفها جماعة من رجال الأدب والعلم والفلسفة، وهي في ثمانية وعشرين مجلدا ضخماً انتشرت في جميع أنحاء أوربا، ونقلت معها أفكار الفلاسفة الإصلاحيين في إصلاح المجتمع من الوجهات السياسية والدينية والاجتماعية والأدبية.
وانتشر المذهب الإبداعي بفرنسا في أيام نابليون، وذلك بفضل الأديبة مدام دي ستايل التي كانت تنشر مقالات متتابعة عن الحركة الأدبية الجديدة في ألمانيا.
وفي أوائل التاسع عشر ظهر الكاتب الفرنسي العبقري (شاتوبريان) فغذى الأدب الفرنسي بمؤلفاته القيمة التي حافظ فيها على قواعد المذهب الكلاسيكي إلا انه اقتبس مادتها من الكتب الدينية والحياة العصرية خلافا لما كان متبعا في العصور السابقة.
وحين نبغ شاعر فرنسا الأكبر فيكتور هوغو انتشرت مبادئ المذهب الإبداعي التي تحض على تنويع مادة الكتابة، وعلى نقل مؤلفات الكتاب الكبار في الأمم الأجنبية إلى اللغة الفرنسية. وامتاز الابداعيون عن سواهم بالبحث عن الفرد إلى جانب مجموع الأمة وانصرفوا إلى التوسع في وصف المناظر والأشخاص والأشياء وصفاً دقيقاً حتى باتت كتاباتهم كأنها مرآة صافية انعكست فيها ما كان يقع تحت بصر الكتاب من الأمور والمناظر المختلفة.
وحمل لواء هذا المذهب الجديد من الأدباء والشعراء لامارتين وفيكتور هوغو، وجورج ساند. ثم تبعتهم طائفة كبيرة من الشبان، وحين نشر فيكتور هوغو روايته (كرومول) اعتبرت مقدمتها بمثابة منهج للمذهب الإبداعي. واخذ الكتاب يخاطبون الشعب بلغته الدارجة دون أن يتحروا الأسلوب العالي في الإنشاء وبات الابداعيون يعرفون بأنهم يرمون فيما يكتبونه إلي جعل فن الكتابة أكثر وضوحا واقرب إلى مباهج الطبيعة ومناظرها الجميلة بخلاف مبادئ المذهب المدرسي (الكلاسيكي) الجافة المملة.
وفي خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر قام فريق من الكتاب يناهضون الإبداعيين ويدعون الدفاع عن الحقيقة وعن الطبيعة كما هي دون طلاء أو تزويق، ثم انصرفوا إلي وصف مشاهد الحياة المختلفة وصفاً دقيقاً مع إسهاب في ذكر الجزئيات وقد دعي أرباب