يتخطى بك المهامه والبيد ... دليلٌ أعمى كثير الرقاد
خلفك الباتر الصمّم بالسيف ... ورجلاك فوق شوك القَتاد
كما أن من الغريب أن الدور الذي مثَّله البحتري مع أبي تمام قد مثله مع دعبل الخزاعي، فكان في حياته يرفع شعرهإلى درجة عالية، وما سمع بموته حتى بدل رأيه فيه، فقال لمن سائل عنه، (أنه يدخل يده في الجراب ولا يقول شيء) ولعله كان يخاف من لسانه السليط!
ومهما يكن من شيء فإن حبيباً ودعبلاً أقرب إلى نفس البحتري من ابن الرومي وابن الجهل، وهذا يرجع إلى تقدمهما في السن من جهة، وعطفهما عليه من جهة أخرى، فليت الوليد قد حبس لسانة عنهما حتى نذكره مع الذين يحفظون الجميل!
وبعد فأخشى أن أكون قد أغضبت عشاق البحتري بهذا الإلمام السريع. فأنا اعترف كما يعترفون ببراعته الفائقة، وخياله الرائع، وديباجته المشرقة، ولكن اعترف أيضاً بسلاطة لسانة، وقلة وفاته، وشح نفسه.