للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

واحدٌ ذلك التراب إذا ما ... حللته الأحداث والأزمان

كل حيٍّ في الأرض أسعد حالا ... من بني آدم وأسمى مثالا

فالحمار الذي حسبناه أشقى الخل ... ق منيِّ ومنك، أنعم بالا

فهو أنى اغتدى على الأرض لم يجن على نفسه بخطءٍ وبالا

ومع العقل يا ابن آدم تزدا ... د لعمري حماقة وضلالا

نهض العلمُ يا بن آدم نهضاً ... فسعي يبتغي سوى الأرض أرضا

ترك الأرض بعد أن دوّخ الأر ... ض وجاب السماء طولا وعرضا

وارتقى فيه كل شيء ولكن ... بقيت نفسه كما هي فوضى

وتقضى بعقله كل نقص ... غير نقص بنفسه ما تقضى

هذه النفس يا أخي كيف تصفو ... إن حواها جوٌّ من الشر صرف

هي إبليس لو فطنت وفيها ... مَلك حائر على الخير يهفو

وهي وحش من الوحوش ونسر ... بجناح على المخيم يرف

لم يهذِّبْ مر القرون طوايا ... ها فظلت من ضعفها تُستخف

ملك النسل أمرها والجوع ... فهي طفل على الدهور رضيعُ

أينما أيقظا هواها فما ينفع فيها التثريب والتقريع

هكذا قام من غريزته الأصل وقامت على الأصول الفروع

ما استطاع الإنسان حدَّ هواها ... لا ولا حدَّ شرَّها مستطيع

عجز العلم والنهى والدين ... والردى دون نقصها والسنون

فتأمل أيان كنت أنَّى ... شئت فالضعف جاثم والشجون

وفنون من الخصاصة والتعس وجمُّ من الشقاء فنون

ودمٌ في براءة مُهرَاق ... وغريم من كل ِّ شرٍ مصون

يا لها من حقيقة تتوارى ... خجلا والنفوس منها حيارى

فإذا ما تحجبتْ أسدل المي ... ن على وجهها البغيض ستارا

وإذا ما تكشَّفتْ لم ير المبصر فيما يراه إلا صغارا

كم يرى النفس كيف لطخها الطينُ ... فجُنَّتْ حماقة وسَعَارا

<<  <  ج:
ص:  >  >>