كلنا لائمٌ فأين الملوم ... أين منا الأريب أين الحكيمُ
فالتمس للنفوس ما اسطعت من عذ ... ر فما في نفوسنا المعصوم
وتقَّبل ما ساء منها وما سرّ بقلب ما أثقلته الهموم
هكذا كانت النفوس فلا يُحزنك منها صحيحها والسقيم
لو تراني والشر يطغى أمامي ... ودموعي يطغى عليها ابتسامي
لو تراني عجبتَ لي كيف أمضيتُ حياتي في راحة وسلام
فتأمل مع ابتسامك في عصري وكيف انقضت به أيامي
لو تأملتها كفتكَ كثيراً ... من تجاريب سادرٍ مغشام
كلما زاد بالحياة اهتمامي ... واشتغالي زادت بها آلامي
وتبيَّنت كلما مرَّ يومٌ ... إثرَ يوم حقيقة الأيام
فالتجاريب علمتني أن تذ ... عن نفسي فيها لغير مرامي
والقيود التي فُرضْنَ على الأحياء فيها قوبلن باستسلامي
والسلام الذي أراه أمامي ... كم تبينت فيه عكس السلام
غير أني على مرارة سخري ... لم أبح في انتقاده بملام
هذه حكمة الحكيم جناها ... عقله من تتابع الأعوام
من يُردْ هذه الحياة جحيما ... جاء من نفسه لها بضرام
أصبحت تشبه الحمامة نفسي ... فهي تضحي على الهدوء وتمسي
حسبها السعي للقليل من الرز ... ق وحسبي الرضى به والتأسي
ثم حسبي أن لم أرق ماء وجهي ... لابن أنثى من ذي ثراء وبأس
وأرى في الرضى أماناً من الهم ... وبرءًا من كل غمٍّ ويأس
ولقد رُضتُ في العواطف قلبي ... وتقلبتُ بين بغض وحبِّ
ثم أصبحت لا أودُُُّ ولا أقلي ولا يستقيم للعطف لُبِّي
كل همي أن أبصر الخلق عن بُعدٍ على مسرح الخليقة قربي
ساخراً من مشاهٍدٍ تتوارى ... بين سهل من الأمور وصعب
ليس للحبِّ والقلى أسبابُ ... أدركتها النفوس والألبابُ