اضطرت البنت إلى أن تتعلم، أو اضطر أهلها إلى تعليمها، واستتبع التعليم حتما السفور، ثم اضطرت الفتاة إلى أن تعمل لتكون لنفسها ثروة يطلبها الرجال!
وكان لا بد من أن تتطور أفكار الفتاة تبعاً لثقافتها وقدرتها على الكسب، فرأت لنفسها الحق في شيء من الحرية والاستقلال وهو أمر - إذا لم يتعد حدوده - لا يتنافى مع الدين ولا مع الشرف ولا مع حقوق الزوجية!
وفي فترة انتظار الزوجة المتعلمة الغنية اتصل الشاب ببعض المتهتكات - اللاتي كانت المشكلة الاقتصادية أيضاً هي السبب الرئيسي في سقوطهن - فاستمرأ المرعى ووجد الأمر اسهل من الزواج
وظنت الفتاة المتعلمة أن الشبان يفضلون المظاهر الخلابة، فأرادت أن تتقرب إليهم ببعضها فنفروا من زواجها! فماذا تصنع؟!
كما رأت أخوات لها تزوجن رجالا ابتزوا أموالهن وجروا وراء شهواتهم وملاذهم، بل طلقوهن وهربوا من النفقة! فأصبحت هي أيضاً تخشى الزواج!
ومن هذا ترون أن المشكلة أشد تعقيداً من أن ينفع فيها لوم المرأة، والمرأة وحدها. إنها مشكلة الجوع والحرمان - المادي والمعنوي - مشكلة العصر الحاضر كله، والذين وضعوا أسسه ونظمه هم الرجال لا النساء. . فما ذنب المرأة؟!
الشاب يجب أن يتزوج فتاة مثقفة محتشمة، والفتاة تريد أن تتزوج رجلا يرعاها ولا يظلمها، ولكنهم جميعاً يخشون المستقبل، ولا ضمان لهم، فلا التعليم مباح لأبناء الفقراء، ولا العلاج ميسر للمرضى، ولا العمل مكفول للعاطلين والعاطلات!
فليس التعليم إذن ولا السفور مسئولين عن هذه التبعة الثقيلة، ولو كانت الفتاة جاهلة ومحجبة وحُرمت الزواج، لما كانت الحال أحسن، بل تكون أسوأ، لأن الجاهلة لا تجد ما يشغلها، وكل ممنوع محبوب ومطلوب!
صحيح أنه يوجد في التعليم والاختلاط أخطاء وضحايا، ولكن العلاج ممكن ببعض التنظيم والتهذيب، فالفضيلة اسهل من الرذيلة التي لا يلجأ إليها الإنسان إلا مضطراً لسوء الظروف أو سوء التربية إن الزمن يتطور، والنظريات تتغير، وإن التيار جارف شديد لا يمكن اعتراضه، ولكن يمكن توجيهه إلى الخير، إذا صلحت النيات وقويت العزائم