والصوت الذي يعلو في هذا الكتاب كان لابد أن يرتفع الآن من الشرق العربي مع أصوات الدعاة في العالم ومع نهوض الجامعة العربية برسالة (الأمة الوسط) التي يلتقي لديها الشرق والغرب لقاء جميلا، ليجلو هذا الصوت وجهة رسالة الله الواحدة الخالدة التي تنقلت بشعلتها يده تعالى مع تنقل البشرية وتطورها التاريخي حتى استبانت معالمها التاريخية على أيدي أربعة من هذه (الأمة الوسط) هم إبراهيم وموسى وعيسى ومحمد.
وكان لابد لهذا الصوت أن ينطق عن هذه الرسالة بلسان هذا العصر ويوضح منطقها بأسلوبه ويبين عن آرائها في الحضارة الروحية التي لا بد منها أولا لتوطيد أسس الحضارة المادية في القلوب والعقول قبل إقامتها في المجلات المادية.
وقد رأينا دعاة السلام في الغرب يعالجون مشكلات العالم بأسلوبهم وحسب تكييف حياتهم ومواصفات بيئاتهم، مثل ما فعل (وندل ويلكي) و (هنري ولاس) و (ويلز) وغيرهم. وما كان لسكان الشرق الأدنى صاحب الرسالات الفاصلة في توجيه الحضارات الروحية والمادية، والماهد لها في قديم التاريخ وأوسطه، والجامع لأطراف إنسانية الشرق والغرب حيث نزل إلهام الله ووحيه على رسله وأنبيائه في رسالات لا تزال هي المسيطر على أرواح أعظم جماهير الأمم العظيمة للآن. . . وما كان لهم أن يتركوا الناس يتخبطون في التماس الهدى وحل مشكلات الفكر والعيش دون أن يرتفع فيهم صوت يذكر الناس برسالة الله الخالدة ويعلن عما فيها من هدى قديم جديد.
البحث عن غد
والغربيون يبحثون عن غد يشرق عليهم ضحاه، وقد خرج روادهم منذ الحرب العالمية الأولى يبحثون عن ذلك الغد في كل مكان حين أحسوا ظلمة المادية تخنق أمسهم ويومهم وتتراكم على منافذ حياتهم الروحية فتحجب عنهم أضواء الهدى وتخنق حياة الوجدان والضمير وتطارد طمأنينة النفس إلى الحياة وإلى قيم الحق والخير فيها. . .
غير أن الموجة المادية كانت قد وصلت إلى ذروتها من الظلام والطغيان على الفكر الغربي بحيث لم يستطع الباحثون عن السلام أن يصدوا من طغي أنها وظلامها، فأنطلق سيلها الجارف الهدار حتى طم على حياة الغرب والعالم كله فأغرقه بفلسفة البحث عن (الذهب