لا ريب في أن اصل الأدب (والأدب من ذي الغيبة) هو (والأوب من ذي الغيبة) والدليل على ما ذهبت إليه أنت - أيها الفاضل الأديب - قريب وإن تباعد مني؛ فإن الناسخ القديم البارع (سامحه الله) أستبدل بالواو دالا ثم جاء الطابع فطبع. وأما بيت امرئ القيس فلا يظاهرك لكن قد يشايعني، وقول (الملك الضليل) هو الذي ضلل. . . وقوي (الغنم) عندي، فهو لم ير الإياب بل رضي من الغنيمة بالاياب، ولم تكن حاله كما قال في هذه البائية:
ألم أمض المطي بكل خرق ... أمق الطول يلماع السراب
وأركب في اللهام المجر حتى ... أنال مآكل القحم الرغاب
وقد طوفت في الآفاق حتى ... رضيت من الغنيمة بالإياب
لم تكن حاله كما قال و (لم يركب الأهوال إلا لينال الآمال) فلما اخفق رضى من الغنيمة بالإياب. وكأن الغائب الآئب غير غانم أو رابح أو ناجح أو مستفيد لا تتم غبطته الأهل به. والأوبة البحت أو البحتة المجردة التي تسر العائد والمنتظر إنما هي أوبة الجندي من المعركة، من ميدان الحرب. . . (ومن نجا برأسه فقد ربح) - كما قال الشاعر في صفين - أو عودة الحبيبة - كما يقول العارفون - عند المحب وعندها. والسلام.
محمد إسعاف النشاشيبي
جواب:
كتب مجهول باسم مستعار لا وجود لصاحبه، يعلمنا أصول النقد وقواعده. . . ونحن نجاهد هؤلاء الإباحيين بأقلامنا جهادا، نرجو عليه ثواب المجاهدين، ولسنا ننقدهم نقدا. ثم إن النقد نحن أربابه، ونحن ألفنا فيه لنعلم الناس قواعده، وندلهم على أصوله، وما أنت منه يا هذا في قليل ولا كثير، فانصرف رحمك الله إلى ما تفهم، ودع النقد لأهله، ولولا إنك كتبت في (الرسالة)، لكان جوابك مني جواب الذي نبحني في آخر دقيقة وطن في أذني من شاطئ الفرات، و (سلاما)!