للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وأما مدن هذه الشعوب التي يعطيك الرب إلهك نصيبا فلا تستبق منها نسمة ما. . .).

هذه هي حدود المعاملة بين المؤمنين بالعهد القديم وسائر بني الإنسان، فإذا سادت هذه المبادئ فالأمم كلها عبيد مسخرة وأبناء إسرائيل وحدهم هم أصحاب السيادة والثراء.

والمسيحية كما هو معلوم لم تعرض لمسائل القانون ومسائل السياسة أو الاجتماع، ولهذا كانت دعوتها إلى الإسلام من الدعوات التي تصطدم بالواقع وتتمخض عن حروب لا تنقطع وحزازات بين الطبقات لا يهدأ لها أوار كما نرى في تاريخ أوربا الحديث والقديم.

لكن الإسلام يتناول مسائل الاجتماع ومسائل العلاقات بين المحاربين والمسالمين. فالمسلم يقاتل إذا ظلم واخرج من دياره ويأمره كتابه إذا ملك الأرض أن يقيم الصلاة ويؤتي الزكاة ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر: (أُذن للذين يقاتلون بأنهم ظُلموا وان الله على نصرهم لقدير، الذين أُخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله، ولولا دفع الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع صلوات ومساجد يُذكر اسم الله كثيراً، ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز. الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور).

لا يجيز الإسلام للنبي أن يكون له أسرى: (ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض، تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة والله عزيز حكيم).

ثم هو يستحب المسلم المن والفداء (فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب، حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق. فأما منَّا بعد وإما فداء حتى تضع الحرب أوزارها).

ومن بقي في الأسر وطلب المكاتبة فقبول طلبه واجب على مولاه (والذين يبتغون الكتاب مما ملكت أيمانكم فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيراً، وآتوهم من مال الله الذي آتاكم).

ولا مطمع في معاملة بين الشعوب المتعادية أعدل من هذه المعاملة واقرب منها إلى إزالة العدو والبغضاء. فأما المعاملة بين المسلمين فهي كفيلة بأنصاف جميع الطبقات؛ لان الناس يتفاضلون بالأعمال الصالحة ولا يتفاضلون بالمظاهر والأنساب. وينكر الإسلام الجور في توزيع الثروة فلا يجيز لأحد أن يكنز الذهب والفضة قناطير مقنطرة. ومن جمع مالا وجب عليه أن يؤدي زكاة للفقراء والمساكين ومصالح الجماعة بأسرها، وعليه أن يعين مني طلب منه العون قرضا حسنا لا مضاعفة في للربا ولا تجاوز فيه لمكاسب البيع والشراء،

<<  <  ج:
ص:  >  >>