فلا تطفيف للكيل ولا مغالاة بالربح ولا مماسكة ولا خداع، وكل يجزي بعمله وسعيه دون إيثار لأحد على أحد في خيرات الأرض جميعا. . . (هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعاً) فلا يزعمن إنسان أو جمع من الناس أنه أحق بالأرض سواه.
فالنظام العالمي لا يعتمد على عقيدة اصلح لتعمميه وحض النفوس عليه من العقيدة الإسلامية، وقد أجاز الإسلام الوصية وندب له المسلمين في بعض الحالات. فإن قصرت موارد الزكاة فموارد الوصية لا تضيق بما يطلب منها، لأنها تشمل جميع الأموال والعروض، وقد حث (الميرزا أحمد القادياني) اتباعه على التوصية بمقدار من ثرواتهم يتراوح بين عشرها وثلثها، للإنفاق منها على الدعوة والإصلاح.
ولم يقصر المؤلف - أو صاحب الخطاب - مقابلاته ومقارناته على العقائد الدينية التي أجملنا الإشارة إليها فيما أسلفناه؛ ولكنه خصها بالعناية لان العقيدة كما قال هي أمل الإصلاح الوحيد، ونظر معها إلى النظم السياسية والاجتماعية فإذا هي قاصرة عن بغيتها من الوجهة العملية والوجهة الروحية على السواء.
فالفاشية - ومثلها النازية - لا تؤسس نظاما عالميا مكفول الدوام لأنه تقوم على تفضيل الجنس والعصبية القومية. فلا مكان فيها لأمم العمال غير الخضوع والتسليم للجنس الذي يزعمون له حق السيادة والرجحان.
والشيوعية تعطل البواعث الفردية وتسلب النفس حوافز الاجتهاد وتجعل الحياة مادة في مادة لا يتخللها قبس من عالم الروح، وتأخذ للدولة كل ما زاد من ثمرات الأفراد، ولم تفلح مع هذا في أنصاف العاملين، لان السادة في روسيا الشيوعية طبقات فوق طبقات في الترف والمتاع، وقد روي الصحفيون إن وليمة الدولة للمستر ويلكي مدن فيها ستون صفحة من ألوان الطعام، فهل يجعلون هذه المائدة مثلا يقتدي به المقتدون؟ أو هي بذخ مقصور على فريق من الضيوف دون فريق؟
والترجمة الإنجليزية التي شملت على تفصيل هذه الخلاصة تقع في مائة صفحة من القطع المتوسط وبعض صفحات، ونحسبها صيحة لا تذهب في الهواء إذا انتشرت بين قراء الإنجليزية الأوربيين والأمريكيين بل الهنديين والشرقيين، ولكننا نقرا فيها إن مؤلفها يلقب بأمير المؤمنين وإنه الخليفة الثاني للمسيح الموعود، ومعنى ذلك أنه من فريق القاديانية