اقترحنا أن تقرر رواية (عنترة بن شداد) مع العصر الجاهلي، ورواية (شاعر الملك) مع العصر الأندلسي، ورواية (فارس بني حمدان) مع العصر الثاني العباسي، وأن تنشأ روايات أخرى لهذا الغرض عينه يراعي فيها الإكثار من الشواهد، والتحري لطابع العصر، فلذلك فائدته وجدواه، وقلنا: إن التاريخ الأدبي مغلول بالتاريخ السياسي مقيد به، ومع اعترافنا بقيم الأحداث السياسية، فإننا نرى إن متابعة تاريخ الأدب للتاريخ السياسي خطوة خطوة وشبرا شبرا مما يتضمن الإسراف على حقائق الأدب وتطوره إلى ابعد مدى.
وقلنا: إن الدراسات النثرية في الأدب لم تأخذ حظها وافيا من الدراسة وأن الشعراء خطوا خطوة واسعة، على حين أهمل أمر كثير من الكتاب. ولو إننا تتبعنا الأعمدة التي وضعها الكاتبون في أدب اللغة لتطور الكتابة لوجدناهم قد راعوا ناحية الوظيفة، فجعلوا من الكتاب (الموظفين) أعمدة على حين بقي غيرهم لا يعرف ولا يشار إليه، ففي هذه الطريق تجد (عبد الحميد) وهو موظف، ثم بعده تجد ابن العميد ثم بعدهما تجد القاضي الفاضل، وهما موظفان كذلك. فيملأ العجب جوانحك وتتساءل في استغراب ودهش: أين إبراهيم ابن المهدي، وهو ذو أسلوب في النثر مبتدع؟ وأين الجاحظ سيد كتاب عصره، والذي سوى لنفسه طريقة لا تزال تؤتسى إلى يوم الناس هذا. وهذان مثلان من مثل كثيرة، ليس هذا مقام تتبعها وأياً ما كان، فإنه يجب أن يخطط تاريخ الكتابة تخطيطا جديدا، ويخص بقسط من العناية أوفى.
قلنا هذا كله؛ وسمعنا إطراء وثناء وبدت لنا الآذان مفتحة والنفوس منشرحة ووعدنا بالنظر، فكان النظر في كل شيء إلا في حق التلميذ فقد بقى (على قدمه)، كأنما هذا الذي بين يديه، غاية الغايات وآية الآيات!
وقلنا إن المستوى الإنشائي للتلاميذ غير مناسب، فيجب أن تقرر عليهم روايات أخرى تنزع بهم إلى ترقية الأسلوب وتذوق الجمال في الآثار الأدبي (كآلام فرتر) و (روفائيل) وكتب فيها مقالات امشاج، تذهب في علاج نواحي اجتماعية أو سياسية في أسلوب أدبي راق (كفيض الخاطر) و (مختار البشري) على أن يكون لها نصيب من الدرجات حتى يرغم التلميذ على قراءتها وإجادتها وتذوقها والإفادة منها.
ونحن إذ نهيب بوزارة المعارف أن تولى أمر المناهج والمعلومات التي يتلقاها التلاميذ