للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بيت الجيران عادت إلينا. وكان بعض الأدباء حاضرا فقال متظرفا: (ما دمت قد وجدت الوزة الضائعة فقد وجب عليك أن تدعوني إلى الإفطار عليها غداً. فأجابته إلى اقتراحه، وجاء ثان وثالث ورابع وخامس وسادس وصاحبنا لا يكف عن تظرفه، ولا يفتأ يروي قصة الوزة ثم يختمها قائلا:

والكيلاني يدعوك إلى الإفطار غدا على هذه الوزة ابتهاجا بعودتها. فيقبل صاحبنا الدعوة في غير تردد.

فلما رأيته يتمادى فيما يظنه إحراجا لي هو - ولو علم - مصدر سرور وبهجة، قابلت تحديه بمثله، فرحت أدعو بقية أصحابي تلفونياً إلى الفطور بعد أن أوجز لهم القصة، حتى تجاوز عددهم الأربعين.

ولا أكتمكما أن تظرف صاحبي - مضافا إليه انسياقي معه في التحدي - قد جنيا على كبش لم يكن له في هذه الجناية يد، كما جنيا على جماعة أخرى من ذوات الأجنحة تكفي لإطعام أربعين أديباً، من بينهم أديبان، كلاهما - على الله - جدير أن يكون أمة وحده.

وقد استولى المرح على الحاضرين حين سمعوا أحد الأديبين يشكوا أضراسه وهو يطحن الأكل طحناً، وعلا هتافهم حين سمعوا ابن الرومي:

على انه ينعَى إلى كل صاحب ... ضروساً له تأتى على النور والكبش

يخبر عنها أن فيها تَثَلُّماً ... وذلكم أدهى وأوكد للجرش

ألم تعلموا أن الرحى - عند نقرها ... وتجريشها - تأتي على الصلب والهشَّ

وكانت ليلة أنس حافلة قل أن يجود بمثلها الزمن. وتوسطت الوزة المائدة ولم يفكر أحد في لمسها وتمزيق لحمها شكرا لما أسدته إلينا من جميل، بما هيأت لنا من اجتماع سعيد. وقد اجتمع الحاضرون على تخصيص الليلة كلها لأبرع ما يعرفون من حكايات الوز.

١٠ - ساق الوزة

عماد: بمناسبة اشتغالك بجحا يا أستاذ كامل في هذه الأيام هل كان لجحا نصيب من حكايات الوز.

كامل: نصيب الأسد. فقد ظفرت بعض حكاياته - على عادته - بالجائزة الأولى. وخلاصتها أن الجوع استبد به ذات مرة، فاضطر إلى التهام ساق الوزة المشوية قبل قدوم

<<  <  ج:
ص:  >  >>