ابنها لأنه جزء منها ولأنه عزاء لها بعد مماتها إذا قدر لها أن تموت قبله، فهو موصل ومكمل لتلك الحياة.
كل ذلك كما أسلفنا سببه تنازع البقاء وطلب الخلود حتى الذين يؤمنون بالله واليوم الآخر وقد أفعم الأيمان قلوبهم وزهدوا عن حطام الدنيا تراهم يعزون أنفسهم - وقد علموا ألا خلود في الحياة - بأن الحياة ما هي إلا طيف خيال، وان وراءها الدار الآخرة الباقية، فالبقاء هو الغاية في كلتا الحالتين.
فالإنسان يطمع إذن في خلود نسبي، إذ لا سبيل إلى المطلق في هذه الدنيا (وما لا يدرك كله لا يترك جزؤه). فهو يرجو بعبارة أخرى أن يطول عمره إلى أقصى حد ممكن. لهذا أريد أن أوضح باختصار بعض الطرق المؤدية إلى التعمير، وهي طرق نفسانية غير الطرق الطبية والصحية المألوفة مع اعتقادنا بأنه (لكل اجل كتاب). وهذه الطرق هي كالآتي:
١ - الاعتقاد في طول العمر والاختلاط الدائم بالشباب.
٢ - نبذ عواطف البغض والحسد والغضب.
٣ - الأيمان بالله والاعتقاد في البعث والخلود.
١ - الاعتقاد في طول العمر:
أن نؤمن بحقيقة أن بعض الناس منذ بدء الخليقة وفي كل زمان ومكان قد بلغوا من العمر عتيا وتتناقل أخبارهم الناس في شيء من الاستغراب والغبطة، غير أن عملية الإحصائيات لم تنظم إلا متأخرا نسبيا. ولنذكر بعضا من أولئكم المعمرين على سبيل المثال:
روى المؤرخ الروماني (بلين)(٢٣ - ٧٩م) أن عمل في ذلك الوقت إحصاء في شمال إيطاليا، وكان محصورا في ثلاثة ملايين نسمة وجدوا بينهم أكثر من ١٧٠ممن عاشوا بعد الماية عام. كما روى المؤرخ (استراين) إن بعضا من سكان البنجاب زادت أعمارهم على المائة. كما ذكر الشاعر الإغريقي (أنا كريون) أن ملك قبرص في ذلك الوقت واسمه (سنجراس) بلغ من العمر ١٦٠سنة. كذلك يقول العالم الفسيولوجي (هالر) في كتابه (مبادئ الفسيولوجي) أن المتوسط لعمر الإنسان يمكن أن يبلغ ٢٠٠عام - وعمل إحصاء في مدينة بوينس ايرس بأمريكا الجنوبية سنة ١٨٩٦ فوجدوا أن أحد السكان واسمه (برونو) بلغ